فنحن فيها وإياه على نسق، وأما الشرعية فقد انفرد بها الناس "ولولا الإطالة لذكرت من كتابته الأدبية والشرعية ومن ظرائف أخباره وملح آثاره مما رأيت وشاهدت، ما تصغي له الآذان ويسعد به الفؤاد والجنان".
ولقد أجيبت فيه دعوة أبيه، سمعت إنه لما حج دعا له حيث يجب، فقال يا عبد الحق رزقك الله لفظا وخطا، فكان كذلك. وقد نظم في مدة قراءته على الشيخ أبي الحسن الحرالي القصيدة الصوفية، وكانت من نحو خمسمائة بيت، فلخصها له الشيخ ﵀ لهذه الأبيات انتقاها منها وترك ما عداها وهي:
سفرت على وجه الجميل فأسفرا ... وبدا هلال الحسن منها مقمرا
ودنت فكاشفت القلوب بسرها ... وسقت شراب الأنس منها كوثرا
ورأيتها في كل شيء أبصرت ... عيناي حتى عدت كلي مبصرا
وسمعت نطق الناطقين فكلهم ... بالحمد والتسبيح عنها أخبرا
وبها ركبت زواخرا من حبها ... ولبست سر السر ثوبا أحمرا
وبها فنيت عن الفناء وغصت في ... ماء الحياة مسرمدا ومدهرا
في الماء يظهر كل شيء كائن ... وبه يرى مثل الوجود مصورا
وأنا أرى في كل ماء ماءه ... ورأى وراء الماء ماء آخرا
فإذا وصلت به إليه فراجعن ... تلك المنازل نقله متنكرا
فمتى أردت إبانة عن بعض ما ... في القلب من سر مصون عبرا
فارفع به ظلم الحجاب فرفعها ... تجنيك من غرس المنى ما أثمرا
فتراه حين تراك ذاتا رافعا ... للبس حتى لا ترى إلا العرا
فهناك يفتح بابه ولطالما ... قد كان دونك مبهما متعذرا
إفصاح قولي لا يفي بمواجدي ... وبيانه لا يستقل بما جرى
لو كان سر الله يكشف لم يكن ... سرا ولكن لم يكن ليذكرا
1 / 59