179

Cumdat Ahkam

عمدة الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم

Investigador

الدكتور سمير بن أمين الزهيري

Editorial

مكتبة المعارف للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

Ubicación del editor

الرياض - المملكة العربية السعودية

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أبو داود (٦٦٧)، و"الحذف": بالحاء المهملة والذال المعجمة مفتوحتين، وبعدهما فاء: غنم سود صغار بلا أذناب ولا آذان. وقوله ﷺ: "رصوا" مأخوذ من الرصّ، فيقال: رصّ الباء يرصّه رصًّا، إذا ألصق بعضه ببعض، ومنه قوله تعالى: ﴿كأنهم بنيان مرصوص﴾. ولا تتأتى هذه الصفة إلا بالالتزام بالتوجيهات النبوية، من المحاذاة بالأعناق، والأكتاف، والأقدام: وسدد الخلل، واللين للآخرين، وعدم ترك فرجات في الصف. وكل هذا فهمه الصحابة ﵃ من أقواله ﷺ، وننقل هنا عن لعضهم ما يؤيد ذلك فعن أنس قال: قال رسول الله ﷺ: "أقيموا صفوفكم، فإني أراكم من وراء ظهري"، وكان أحدنا يُلْزِقُ مَنْكِبه بمنكب صاحبه، وقدمه بقدمه. رواه البخاري (٧٢٥). قال الحافظ: أفاد هذا التصريح أن الفعل المذكور كان في زمن النبي ﷺ، وبهذا يتم الاحتجاج به على بيان المراد بإقامة الصف وتسويته". قلت: وفي رواية الإسماعيلي من طريق معمر قال: "ولو فعلت ذلك بأحدهم اليوم لنفر، كأنه بغل شموس". والشموس: هو النَّفُور من الدواب الذي لا يستقر؛ لشغبه وحدَّته. ولم يتفرد أنس بنقل هذه الصفحة عن الصحابة، ولكن نقلها أيضًا النعمان بن بشير فقال: فرأيت الرجل يلصق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبة صاحبه، وكعبه بكعبه. رواه أبو داود (٦٦٢) بسند صحيح، وعلقه البخاري (٢/ ٢١١/ فتح). ولا يفوتني هنا أن أنبه أن هذه الصفة التي نقلها لنا صحابة رسول الله ﷺ، وعملوا بها قد ظلمت من بعض الناس، وزعموا أن هذه الصفة ليست من السنة! والجواب على هؤلاء من أبسط ما يمكن: لأن هذه الصفة كان عُمل بها على عهد النبي ﷺ من الصحابة رضوان الله عليهم، كما تقدم النقل عن الحافظ ابن حجر. فإن قال قائل: هذا من فعك الصحابة؟! قلنا: الجواب على ذلك من وجهين أما الأول: فقد رأى ذلك النبي ﷺ وأقرهم عليه، أليس هو القائل في أول حديث أنس: "أقيموا صفوفكم، وتراصوا؛ فإني أراكم من وراء ظهري". رواه البخاري. ففي هذا الحديث أن النبي ﷺ قد رآهم على ذلك، وأقرهم عليه، إذ لو كان خطأً لنهاهم عن =

1 / 88