الباب السادس في بيان أقسامه بحسب اختلافِ قُوّتِه وضعفه ومقاومته لجيش الهوى وعجزه عنه
باعث الدين بالإضافة إلى باعث الهوى له ثلاثة أحوال (^١):
أحدها: أن يكون القهر والغلبة لداعي الدين فيُردّ جيشُ الهوى مفلولًا، وهذا إنما يصل إليه بدوام الصبر، والواصلون إلى هذه الرُّتبة هم المنصورون في الدنيا والآخرة، وهم الذين قالوا: ﴿رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا﴾ [فصلت: ٣٠]، وهم الذين يقول لهم الملائكةُ عند الموت: ﴿أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [فصلت: ٣٠، ٣١]، وهم الذين نالوا معية اللَّه مع الصابرين، وهم الذين جاهدوا في اللَّه حق جهاده، فخصهم بهدايته دون من عداهم.
الحالة الثانية: أن يكون القَهْرُ (^٢) والغلبةُ لداعي الهوى فتَسْقُطُ منازعةُ باعث (^٣) الدين بالكلية، فيستسلم البائس للشيطان وجندِه فيقودونه حيث شاءوا، وله معهم حالتان:
إحداهما: أن يكون من جندهم وأتباعهم، وهذه حال الفاجر (^٤) الضعيف.