المقام الرابع: مقام الإحسان إلى المسيء ومقابلة إساءته بإحسانك، وفي هذا المقام من الفوائد والمصالح ما لا يعلمه إلا اللَّه، فإن فات العبد هذا المقام العالي فلا يرضى لنفسه بأخسّ المقامات وأسفلها.
فصل (^١)
القسم الثالث: ما يكون وروده باختياره، فإذا تمكّن لم يكن له اختيار ولا حيلة في دفعه، وهذا كالعشق الذي أوله اختيار وآخره اضطرار، وكالتعرض لأسباب الأمراض والآلام التي لا حيلة في دفعها بعد مباشرة أسبابها، كما لا حيلة في دفع السكر بعد تناول المسكر. فهذا كان فرضه الصبر عنه في أوله، فلما فاته بقي فرضه الصبر عليه في آخره، وأن لا يطيع داعي هواه ونفسه.
وللشيطان ههنا دسيسة عجيبة، وهي: أن يخيّل إليه أن نيل بعض ما مُنع منه قد يتعين عليه أو يباح له على سبيل التداوي، وغايته أن يكون كالتداوي بالخمر والنجاسة، وقد أجازه كثير من الفقهاء (^٢).