وأولو العزم هم المذكورون في قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ (^١) الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى: ١٣]. وفي قوله: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧)﴾ [الأحزاب: ٧] كذلك قال ابن عباس وغيرُه من السلف (^٢).
ونهاه سبحانه أن يتشبه بصاحب الحوت حيث لم يصبر صبر أولي العزم فقال: ﴿فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (٤٨)﴾ [القلم: ٤٨].
وهنا سؤال وهو أن يُقال: ما العامل في الظرف؟ وهو قوله: ﴿إِذْ﴾، ولا يمكن أن يكون الفعل المنهي عنه، إذ يصير المعنى: لا تكن مثله في ندائه، وقد أثنى اللَّه سبحانه عليه في هذا النداء وأخبر أنه نجاه به، فقال: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (٨٧) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (٨٨)﴾ [الأنبياء: ٨٧، ٨٨].
وفي الترمذي وغيره عن النبي ﷺ: أنه قال: "دعوةُ أخي ذي النّون إذ دعا بها في بطن الحوت، ما دعا بها مكروبٌ إلا فَرّجَ اللَّهُ عنه: لا إله إلا أنتَ سبحانك إني كنتُ من الظالمين" (^٣).