الغسل ليستوفي حقه في (١) الوطء، بخلاف الجنابة، فإِنها غير مانعة من الوطء، فلم يكن له إجبارها عليه (٢).
١٧ - وإنما قال مالك يكرر الغسل، ولا يكرر المسح، مع أن الجميع طهارة؛ لأن الغسل موضوع على التثقيل فدخله التكرار؛ لأنه لا يخرجه عن موضوعه، والمسح موضوع على التخفيف فلم يدخله التكرار؛ لأنه يخرجه عن موضوعه.
١٨ - وإنما لم يجز المسح على العمامة والخمار، ويجوز على الخفين (٣)؛ لأن المشقة في نزع الخف عند إرادة الوضوء لاحقة، ولا تلحق في مسح الرأس.
تنبيه: خالف أبو حنيفة فقال: يجوز المسح على العمامة (٤)، وحجته وجهان، الأول ما روي "أن (٥) النبي ﷺ مسح ناصيته وعلى العمامة" (٦)، وذلك عندنا محمول على أنه فعله لعذر للدلائل الدالة على وجوب التعميم وهذا الحديث حجة لنا على التعميم إذ لولا التعميم لاقتصر على مسح الناصية، والآخر أن العمامة حائل بينه وبين الرأس، فجاز المسح [عليها قياسًا] (٧) على الشعر.
قال ابن راشد (٨): وهذا سمعته من بعض المدرسين بالمدرسة الظاهرية،
_________
(١) (ح) من.
(٢) انظر المدونة ١/ ٣٧.
(٣) المدونة ١/ ١٦.
(٤) انظر هذا مع قول الكاساني: ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة. بدائع الصنائع ١/ ٥.
(٥) (ب) عن.
(٦) متفق عليه انظر فتح الباري ١/ ٢٦٦ والنووي على مسلم ٣/ ١٧٢.
(٧) ساقطة من (ب).
(٨) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن راشد القفصي. أخذ عن أئمة المشرق والمغرب. رحل إلى الإسكندرية فلقي قاضي القضاة ناصر الدين بن المنير، والكمال بن التنسي، وناصر الدين بن الأبياري، ومحيي الدين حافي رأسه، والقرافي، وابن دقيق العيد، وغيرهم. حج سنة ٦٨٠ هـ ثم رجع بعلم جم، وتولى قضاء قفصه. أخذ عنه جماعة منهم: ابن مرزوق الجد والشيخ عفيف الدين المصري. له تآليف كثيرة، منها تلخيص المحصول في علم الأصول، واللباب في الفقه، والفائق في معرفة الأحكام والوثائق، والمذهب في ضبط مسائل المذهب، والنظم البديع في اختصار التفريع والشهاب الثاقب شرح ابن الحاجب. قال صاحب الديباج: إنه لم يقف على وفاته إلا أنه كان حيًّا عند وصول أبي الحسن المريني، وقد أورد ذلك صاحب نبل الابتهاج قائلًا إن أبا الحسن هذا دخل تونس =
1 / 88