عما يصيبهما من غيرهما كالدم والعذرة؛ لأن الطرقات لا تسلم -في الأغلب- من أرواث الدواب وأبوالها، فخفف ذلك للضرورة، والدم والعذرة لا يصيبان الطرقات إلا نادرًا؛ إذ ليس شأن الناس أن يطرحوا ذلك فيها، وأيضًا نجاسة الدم [والعذرة] (١) متفق عليها، وأرواث الدواب وأبوالها مختلف فيها فكانت أخف (٢).
تنبيه: قيد سحنون (٣) العفو بالمواضع التي تكثر فيها الدواب، وأما ما لا تكثر فيه الدواب فلا يعفى عنه. وظن بعض جهلة الطلبة أن تقييد سحنون لا يحتاج إليه؛ لأنه عين (٤) ما علل به مالك من مشقة التحرز منها، وليس كما ظن؛ إذ لا يلزم من عسر التحرز منها في الطرقات وجود كثرة الدواب في محلها، والله تعالى أعلم.
٧ - وإنما قال ابن حبيب (٥) بالعفو عن الخف دون النعل؛ لأن المشقة في الخف أشد منها في النعل من جهة نزعه وإفساده، وهي في النعل أشد منها في الرِّجل.
٨ - وإنما قال ابن وهب (٦) ورواه عن مالك: ينضح بول الغلام ويغسل بول
_________
(١) ساقطة من (ح).
(٢) هذا التفريق لعبد الحق انظر النكت ص ٧.
(٣) أبو سعيد عبد السلام سحنون بن سعيد بن حبيب التنوخي القيرواني. ولد سنة ١٦٠ هـ أو ١٦١ هـ أصله من تنوخ. أخذ العلم بالقيروان عن مشائخها كأبي خارجة وعلي بن زياد وابن غانم وابن أشرس وغيرهم. ثم رحل إلى مصر فسمع من ابن القاسم وقرأ عليه المدونة وأعاد ترتيبها وسمع كذلك ابن وهب وأشهب وغيرهم. تولى القضاء بالقيروان، من تآليفه المدونة المذكورة والمشهورة لدى الفقهاء توفي سنة ٢٤٠ هـ.
ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج ١٦٠، ١٦١.
محمد بن مخلوف: شجرة النور ١/ ٦٩، ٧٠. بروكلمان تاريخ الأدب العربي ٣/ ٢٨٠ / ٢٨٤.
(٤) في (أ) و(ب) غير.
(٥) أبو مروان عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون السلمي. أصله من طليطلة، روى بالأندلس عن صعصعة بن سلام والغازي بن قيس وزياد بن عبد الرحمن، ثم رحل فسمع من ابن الماجشون ومطرف وإبراهيم بن المنذر الخزامي وغيرهم. ومنه ابناه وتقي الدين بن مخلد وابن وضاح وغيرهم. من تآليفه: الواضحة والجامع وفضائل الصحابة وغيرها. توفي سنة ٢٣٨ هـ وقيل سنة ٢٣٩ هـ.
ممن ترجم له: ابن فرحون: الديباج ١٥٤، محمد بن مخلوف شجرة النور: ١/ ٧٤، ٧٥.
(٦) أبو محمد عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي، مولاهم الإِمام، الجامع بين الفقه والحديث. روى عن =
1 / 83