الفصْل الرابع
آثاره:
لا شك أن عالمًا كالونشريسي تصدر للإِفتاء، ووصف بأنه أحاط بمذهب مالك أصوله وفروعه، وجاء هذا الوصف من قِبَلِ عالم يشار إليه بالبنان، وكان تحت تصرفه مكتبة ابن الغرديس الذي توارثها عن رجال وبيوتات عرفوا بالعلم، لا شك أنه سيخلف ثمارًا يانعة نضجت خلال عمر ليس بالقصير (١).
ولا بد لي قبل أن أذكر مؤلفاته من أن أنقل ما أورده صاحب الدوحة عمن عرف الونشريسي عن كثب، ولاحظ كيف كان يؤلف كتبه فقال: "حدثني غير واحد ممن لقيته أن كتبه كلها مورقة غير مسفرة، وكان له عرصة يمشي إليها في كل يوم ويجعل حمارًا يحمل عليه أوراق الكتب، من كل كتاب ورقتين أو ثلاثة، فإِذا دخل العرصة جرد ثيابه وبقي في قشابة صوف يحزم عليها بمضمة جلد ويكشف رأسه، وكان أصلع، ويجعل تلك الأوراق على حدة في صفين، والدواة في حزامه والقلم في يد والكاغد في الأخرى، وهو يمشي بين الصفين ويكتب النقول من كل ورقة، حتى إذا فرغ من جلبها على المسألة قيد ما عنده وما ظهر له من الرد والقبول، هذا شأنه" (٢).
وهذه أشهر كتبه:
١) المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب، وهو أشهر كتبه، ومن عنوانه يفهم أنه يحتوي على نوازل في مناطق معينة، ويقول المؤرخون إنه نقلها من الكتب التي وجدها في خزانة تلميذه
_________
(١) إذ قد عاش حوالى ثمانين عامًا كما ذكر مترجموه.
(٢) دوحة الناشر ص ٤٧، ٤٨.
1 / 41