Cudda Fi Sharh Cumda
العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار
Editorial
دار البشائر الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
Géneros
"صحاحه" على ابن مسعود ﵁؛ لتقدُّم وفاته، وإنَّما خُصَّ هؤلاء من بين العبادلة بالذِّكر؛ لكونهم من أصاغر الصَّحابة وفقهائها، وتأخروا، وأخذ عنهم العلم والرِّواية -والله أعلم-.
ولعبدِ الله بنِ عمرَ مناقبُ كثيرةٌ، وفضائلُ شهيرةٌ، رُوي له عن رسول الله ﷺ ألف حديثٍ، وستُ مئةِ حديثٍ، وثلاثون حديثًا، اتّفق البخاريُّ ومسلمٌ على مئةٍ وسبعين حديثًا، وانفرد البخاري بأحد وثمانين، ومسلم بأحد وثلاثين.
رَوَى عنه أولادُه وأحفادُه ومولاه نافع، وخلقٌ كثير من التابعين، وكان ﵁ لا يُعدل برأيه؛ فإنه أقام بعد رسول الله ﷺ ستِّين سنةً، فلم يخفَ عليه شيءٌ من أمره ولا من أمر الصحابة ﵃.
روى له أصحاب السنن والمسانيد، وكانَ يتحفظُ ما سمعَ من النبي ﷺ، ويسألُ عما غاب عنه من قولٍ أو فعلٍ مَنْ حَضَرَ، ويتَّبعُ آثارَه ﷺ حتى مواضعَ صلاتِه ﷺ سفرًا أو حضرًا، وبايع النبي ﷺ قبلَ أبيه وبعدَه أدبًا، وكان يغضب إذا قيل: هاجرَ قبل أبيه، وكان قوَّامًا صوَّامًا متواضِعًا، لا يأكلُ حتى يؤتى بمسكين فيأكل معه، وكان ممَّن لم تملْ به الدّنيا، وقال سعيد بنُ المسيِّبِ: لو شهدت لأحدٍ أنه من أهل الجنة في الدنيا، لشهدت لابن عمر (١)، وكان ضابطًا لأحاديثِ رسول الله ﷺ، لا يزيد فيها ولا ينقص، وقال ﷺ: "أَرَى عَبْدَ اللهِ رَجلًا صَالِحًا" (٢)، وكان من البكَّائين الخاشعين، إذا أعجَبه شيءٌ من ماله، قرَّبه لربِّه، فكان رقيقُه يتزينون له بالعبادة وملازمةِ المسجد، فيعتقهم، فيقول له أصحابُه: ما بهم إلا خديعتك، فيقول: من خَدَعْنا بالله، انخدعْنا له (٣)، قال نافعٌ:
(١) رواه البخاري في "التاريخ الكبير" (٢/ ٣٦٣)، والحاكم في "المستدرك" (٦٣٦٦)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (١/ ١٧٢)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣١/ ١١٣). (٢) رواه البخاري (٣٥٣١)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: مناقب عبد الله بن عمر بن الخطاب ﵄، ومسلم (٢٤٧٨)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل عبد الله بن عمر ﵄، من حديث حفصة ﵂. (٣) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٤/ ١٦٧)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢٩٤)،=
1 / 124