Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
Editorial
دار علوم السنة
Géneros
ونجد الغزالي مع أخذه بالفلسفة أحيانًا، يستنكر تلك النظرية فيقول (١): (ما ذكرتموه تحكمات، وهو على التحقيق ظلمات فوق ظلمات لو حكاه الإنسان في نومه عن منام رآه لاستدل به على سوء مزاجه) .
والحق أن تلك الآراء ما هي إلا امتداد للوثنية القديمة التي ترى أن الكواكب أجسام سماوية، وأن لها نفوسًا تحركها وأن لحركاتها تأثيرًا في نفوسنا وأجسامنا، وكل كوكب يعتبر إلهًا عندهم، فالمريخ مثلًا إله الغضب، والشمس إله الحرارة، والقمر إله الرطوبة، وقد حكى القرآن ذلك عن قوم إبراهيم قال تعالى: (إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون* أئفكًا ألهة دون الله تريدون* فما ظنكم برب العالمين* فنظر نظرة في النجوم * فقال إني سقيم) .
قلت: والذي عليه علماء المسلمين من أقوالهم –أي الفلاسفة- أن العقل جوهر مجرد قائم بنفسه. قال شيخ الإسلام عنهم «ولفظ العقل والمادة ونحوهما في كلامهم غير معناه في لغة العرب فإنهم يعنون بالعقل جوهرًا مجردًا قائمًا بنفسه. والعقل في لغة العرب عَرَض هو علم أو عمل بالعلم وغريزة تقتضي ذلك» (٢) .
_________
(١) تهافت الفلاسفة للغزالي ص ٢٩، وانتقدها من العلماء أيضًا ابن رشد في كتابه التهافت، وفخر الدين الرازي في كتابيه «محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين»، و«الأربعين في أصول الدين» والشهرستاني في كتابه «نهاية الاقدام في علم الكلام» وأبي البركات البغدادي في كتابه «المعتبر في الحكمة» وانتقدها من المحدثين: البيرنصري نادر، في مقدمته لتحقيق كتاب الفارابي: آراء أهل المدينة الفاضلة، وسليمان دنيا في مقدمته للجزء الأول من الإشارات لابن سينا، وحمودة غرابة في كتابه «ابن سينا بين الدين والفلسفة» وغيرهم، انظر كتاب دراسات في الفكر الفلسفي الإسلامي ص ١٤٩-١٥٦ للدكتور حسام الألوسي وقد استوفى غالب الأقوال التي انتقدت تلك النظرية.
(٢) درء التعارض (١٠/٣٠٢) .
1 / 25