Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
Editorial
دار علوم السنة
Géneros
يقال له: ليس المراد بكونه أصلًا له: أنه أصل في ثبوته في نفس الأمر، بل هو أصل في علمنا به، لكونه دليلًا لنا على صحة الشرع.
ومعلوم أن الدليل مستلزم لصحة المدلول عليه، فإذا قدر بطلان المدلول عليه لزم بطلان الدليل، فإذا قدر عند التعارض أن يكون العقل راجحًا والشرع مرجوحًا، بحيث لا يكون خبره مطابقًا لمخبره، لزم أن يكون الشرع باطلًا، فيكون العقل الذي دلّ عليه باطلًا، لأن الدليل مستلزم للمدلول عليه، فإذا انتفى المدلول اللازم وجب انتفاء الدليل الملزوم وقطعًا. ولهذا يمتنع أن يقوم دليل صحيح على باطل، بل حيث كان المدلول باطلًا لمن يكن الدليل عليه إلا باطلًا.
إما إذا قدّم الشرع، كان المقدم له قد ظفر بالشرع، ولو قدر مع ذلك بطلان الدليل العقلي، لكان غايته أن يكون الإنسان قد صدق بالشرع بلا دليل عقلي، وهذا مما ينتفع به الإنسان، بخلاف من لم يبق عنده لا عقل ولا شرع، فإن هذا قد خسر الدنيا والآخرة. فكيف والشرع يمتنع أن يناقض العقل المستلزم لصحته؟! وإنما يناقض شيئًا آخر ليس هو دليل صحته، بل ولا يكون صحيحًا في نفس الأمر.
وأيضًا فلو قدر أنه ناقض دليلًا خاصًا عقليًا يدل على صحته، فالأدلة العقلية الدالة على صحة الشرع متنوعة متعددة، فلا يلزم من بطلان واحدٍ منها بطلان غيره، بخلاف الشرع المدلول عليه، فإنه إذا قدر بطلانه لزم بطلان جميع ما يدل عليه من المعقولات.
وأيضًا فإن هؤلاء المعارضين للشرع بالعقل، هم يدعون في معقولات معينة أنه عرفوا بها الشرع، كدعوى الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم أن الشرع إنما تعلم صحته بالدليل الدال على حدوث الأجسام، المبني على أن الأجسام مستلزمة للأعراض، والأعراض حادثة لامتناع حوادث لا أول لها.
5 / 7