189

Critiquing the Foundations of the Rationalists

نقض أصول العقلانيين

Editorial

دار علوم السنة

Géneros

وأما خبر الله ورسوله فهو صدق، موافق لما الأمر عليه في نفسه، لا يجوز أن يكون شيء من أخباره باطلًا، ولا مخالفًا لما هو الأمر عليه في نفسه، ويعلم من حيث الجملة أن كل ما عارض شيئًا من أخباره وناقضه، فإنه باطل من جنس حجج السوفسطائية، وإن كان العالم بذلك قد لا يعلم وجه بطلان تلك الحجج المعارضة لأخباره. وهذه حال المؤمنين للرسول، الذي علموا أنه رسول الله الصادق فيما يخبر به، يعلمون من حيث الجملة أن ما ناقض خبره فهو باطل، وأنه لا يجوز أن يعارض خبره دليل صحيح: لا عقلي، ولا سمعي، وأن ما عارض أخباره من الأمور التي يحتج بها المعارضون ويسمونها عقليات، أو برهانيات، أو وجديات، أو ذوقيات، أو مخاطبات، أو مكاشفات، أو مشاهدات، أو نحو ذلك من الأمور الدهّاشات، أو يسمون ذلك تحقيقًا، أو توحيدًا، أو عرفانًا، أو حكمة حقيقية، أو فلسفة، أو معارف يقينية، ونحو ذلك من الأسماء التي يسميها بها أصحابها، فنحن نعلم علمًا يقينيًا لا يحتمل النقيض أن تلك جهليات، وضلالات، وخيالات، وشبهات مكذوبات، وحجج سوفسطائية، وأوهام فاسدة، وأن تلك الأسماء ليست مطابقة لمسمّاها، بل هي من جنس تسمية الأوثان آلهة وأربابًا، وتسمية مسيلمة الكذاب وأمثاله أنبياء: (إن هي إلا أسماءٌ سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى) . والمقصود أنه من جوز أن يكون فيما علمه بحسه وعقله حجج صحيحة تعارض ذلك، لم يثق بشيء من علمه، ولم يبق له طريق إلى التصديق بشيء من ذلك. فهكذا من جوّز أن يكون فيما أخبر الله به ورسوله حجج صحيحة تعارض ذلك لم يثق بشيء من خبر الله ورسوله، ولم يبق له طريق إلى التصديق بشيء من أخبار الله ورسوله.

5 / 3