Critiquing the Foundations of the Rationalists
نقض أصول العقلانيين
Editorial
دار علوم السنة
Géneros
«لعل من أبرز السمات التي امتاز بها الدين الإسلامي عن سائر المذاهب والأديان الأخرى، هو ذلك المقام السامي الذي وضع الإسلام العقل الإنساني فيه والدور الجليل الذي أناطه به، والآفاق الواسعة التي فتحها أمامه، بشكل لم تصل المذاهب البشرية إليه حتى تلك المذاهب التي تنادي بأنها حررت العقل البشري، وأطلقته من آساره، واحتكمت إليه، هي في الحقيقة التي سخرت منه، واستهانت به:
فمن جانب دفعته إلى الإيغال في مجالات ليست من اختصاصه فتاه فيها وضل.
ومن جانب آخر تجد هذه المجتمعات العلمانية – التي تدعى أنها تحكم العقل في أمورها- قد نبذته وراءها ظهريًا، فأحكامه وتقريراته في جانب وواقعها في جانب آخر، فالعقل يحكم بأن الخمر والزنا ضار ومفسد للجنس البشري والواقع يبيحها، بل ويحببها، والعقل يقول إن المرأة تختلف عن الرجل والواقع يقول يجب أن نجعلها كالرجل تمامًا...، فأي إهانة للعقل بعد هذا، ونعود لنقول إن أبعاد تلك المنزلة التي جعلها الإسلام للعقل تتلخص فيما يأتي:
تعظيم الإسلام لعمل العقل في سبيل الوصول إلى الحقائق بطرق شتى منها:
الثناء على أصحاب العقل الذين يستعملونه في الحكم على الأشياء والتعامل معها: فالله سبحانه يخاطب أصحاب العقول حينما يذكر أحكامه لأنهم هم الذين يفهمون أنها أحكام عدل وحق (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون) (١) .
وكذلك حينما يأمر بشيء فإنه يخصهم بالخطاب لأنهم يسارعون إلى امتثال أمر الله، والنهوض به، يقول سبحانه (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب) (٢)،فقد خص أولي الألباب بعد حث جميع العباد على التقوى (٣) .
(١) البقرة – ١٧٩. (٢) البقرة، ١٩٧. (٣) فتح القدير ١/٢٠١.
3 / 34