156

Criminal Acts in Islamic Jurisprudence: A Comparative Study Between Islamic Jurisprudence and Law

الجنايات في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون

Editorial

دار الكتاب الجامعي

Edición

الثانية

Géneros

الخلاف فيما هو الأولى للمظلوم: هل الأولى العفو عن ظالمه أو الترك؟ فريق من العلماء رجح الأول، وفريق رجح الثاني.
ووجه ترجيح الأول: أن الله تعالى لا يندب عباده إلى العفو إلا ولهم فيه مصلحة راجحة على مصلحة الانتصاف من الظالم، فالعافي له من الأجر بعفو عن ظالمه فوق ما يستحقه من العوض عن تلك المظلمة من أخذ أجر ووضع وزر لو لم يعف عن ظالمه.
ومن رجح الثاني قال: إنا لا نعلم هل عوض المظلمة أنفع للمظلوم، أم أجر العفو؟ ومع التردد في ذلك لا يكون هناك طريق إلى القطع بأولية العفو، فيكون الترك هو الراجح.
والراجح عندي هو الرأي الأول؛ لأن عدم الجزم بأولية العفو يقابله أنه لا جزم بأولية الترك أيضا، ثم الدليل قائم على أولوية العفو؛ لأن الترغيب من الشارع الحكيم في شيء يستلزم رجحانه١، ويؤيد هذا الأحاديث -المذكورة آنفا- التي جعلت موجب العفو رفع درجات العافي وحط خطيئته.
وما ورد من أن الله يزيده به عزا، فقد روي عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزا" رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه٢.

١ نيل الأوطار ج٧، ص٣٠.
٢ وما رواه عبد الرحمن بن عوف من قوله ﷺ: "ثلاث والذي نفس محمد بيده إن كنت لحالفا عليهن: لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا، ولا يعفو عبد عن مظلمة يبتغي بها وجه الله ﷿ إلا زاده الله بها عزا يوم القيامة، ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر" رواه أحمد.

1 / 161