وأما عدم ذكر الدية في الآية فإن هذا لا يستلزم عدم الذكر مطلقا، فإن الدية قد ذكرت في الأحاديث.
وأيضا فإن تقدير الآية: "فمن اقتص فالحر بالحر ... ومن عفي لهمن أخيه شيء فالدية"، ويدل على هذا تفسير ابن عباس المذكور آنفا. وظاهر الحديث أيضا أن الولي إذا عفا عن القصاص لم تسقط الدية، بل يجب على القاتل تسليمها.
٢- ومن السنة: ما روي عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: "من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يفتدي وإما أن يقتل" رواه الجماعة، ولكن لفظ الترمذي: "إما أن يعفو وإما أن يقتل".
وما روي عن أبي شريح الخزاعي قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من أصيب بدم أو خبل -والخبل الجراح- فهو بالخيار بين إحدى ثلاث: إما أن يقتص، أو يأخذ العقل، أو يعفو، فإن أراد رابعة فخذوا١ على يديه" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وعن وائل بن حجر قال: كنت عند رسول الله ﷺ إذ جيء بقاتل في عنقه النسعة، فقال ﷺ لولي المقتول: "أتعفو؟ " قال: لا، قال: "أتأخذ الدية؟ " قال: لا، قال: "أفتقتل؟ " قال: نعم. فقد جعل رسول الله ﷺ في هذا الحديث الخيار لولي المقتول في العفو أو الدية أو القود دون أن يستشير القاتل أو يلتفت إلى رضاه.
١ أي: أنه إذا أراد زيادة على القصاص أو الدية أو العفو فامنعوه، ومن ذلك قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ . نيل الأطار ج٧، ص٧، ٨.