Correct Statement on the Issue of Traveling
صحيح المقال في مسألة شد الرحال
Editorial
الجامعة الإسلامية
Número de edición
السنة الحادية عشرة-العدد الثالث
Año de publicación
ربيع الأول ١٣٩٩هـ/ ١٩٧٨م
Ubicación del editor
المدينة المنورة
Géneros
ثَالِثا: قَوْله: فَإِنَّهَا من أفضل الْأَعْمَال وَأجل القربات الموصلة إِلَى ذِي الْجلَال.
نقُول: هَذَا الْكَلَام لَا يَلِيق بِمثل الْحَافِظ ابْن حجر، وَلَا بِمثل فَضِيلَة أخينا فِي الله الشَّيْخ عَطِيَّة.
إِن الْحَافِظ ابْن حجر، وَكَذَلِكَ الشَّيْخ عَطِيَّة يعلمَانِ أَن التشريع من حق الله وَرَسُوله، وَلَا مدْخل فِيهِ لأحد من النَّاس سوى الرَّسُول ﵇ الَّذِي أخبرنَا الله جلّ وَعلا عَنهُ أَنه لَا يَأْتِي بِشَيْء من التشريع من تِلْقَاء نَفسه ﴿إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى﴾؛ فَإِذا كَانَ الْأَمر كَذَلِك فَكيف يسوغ للْعُلَمَاء أَن يَقُولُوا عَن مَسْأَلَة لَا دَلِيل إطلاقا على مشروعيتها لَا من الْكتاب وَلَا من السّنة وَلَا من الْإِجْمَاع.. كَيفَ يسوغ لَهُم أَن يدعوا أَنَّهَا من أفضل الْأَعْمَال وَأجل القربات الموصلة إِلَى ذِي الْجلَال..؟.
وَالْخُلَاصَة نقُول: يَا من زعمت مَشْرُوعِيَّة الزِّيَارَة بشد الرحل أَو بِدُونِ شدّ الرحل! تفضل علينا بِبَيَان دليلك؛ فإننا وَمن قبلنَا أَئِمَّتنَا أهل السّنة والتوحيد مُنْذُ ألف وَأَرْبَعمِائَة سنة والبحث جَار عَن دَلِيل هَذِه الْمَسْأَلَة وَلم يعثر عَلَيْهِ، فيا حبذا وَيَا عظم فَضلكُمْ لَو تقدمتم إِلَى أمة مُحَمَّد ﷺ بالكشف عَن هَذَا الدَّلِيل، وَإِلَّا فَارْجِعُوا إِلَى الْحق تؤجروا عِنْد الله، وتسلموا من تبعة القَوْل على الله وَرَسُوله بِلَا دَلِيل، وَلَكِن اعلموا مقدما أننا لَا نقبل حَدِيثا مَا لم تثبت صِحَّته عَن الْمُصْطَفى ﷺ، أما أَحَادِيث الوضاعين والدجالين الَّتِي كفانا مُؤنَة إِبْطَالهَا أهل الْعلم والدراية فَنحْن وَأَنْتُم متفقون على عدم الِالْتِفَات إِلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تقوم بهَا الْحجَّة وَلَا يجوز الِاسْتِدْلَال برهَا، وَنحن نُرِيد دَلِيلا من وَحي الرَّحْمَن١.
ثمَّ التَّعْبِير بقَوْلهمْ: "وَمِمَّا اسْتدلَّ بِهِ على عدم مَشْرُوعِيَّة شدّ الرّحال" تَعْبِير رَكِيك نَاقص؛ إِذْ أَنه لَا يُوجد وَلم يُوجد من يَقُول إِن شدّ الرّحال- بِمُجَرَّدِهِ - مَشْرُوع أَو مَمْنُوع؛ فالتعبير الصَّحِيح أَن يُقَال: "وَمِمَّا اسْتدلَّ بِهِ على عدم جَوَاز شدّ الرّحال لزيارة الْقُبُور.. الخ"، وَكَذَلِكَ قَوْلهم عَن المانعين إِنَّهُم استدلوا بِمَا روى عَن مَالك.. الخ. الصَّحِيح أَن قَول مَالك وَغَيره من الْعلمَاء لَا يسْتَدلّ بِهِ فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، وَإِنَّمَا يسْتَدلّ بنصوص الشَّرْع إِن وجد شَيْء مِنْهَا فِي الْمَوْضُوع، وَإِلَّا نظر هَل حصل إِجْمَاع من الْأمة فِي حكم الْمَسْأَلَة المبحوثة، وَإِن لم يُوجد رَجَعَ إِلَى الْقيَاس إِن كَانَت الْمَسْأَلَة فِي غير العقيدة وَفِي غير الْعِبَادَات.
أما قَول الْعلمَاء كل وَاحِد على انْفِرَاد فَلَا يَنْبَغِي أَن يُسمى أَو يعْتَبر دَلِيلا تثبت بِهِ الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة، وَإِنَّمَا يسْتَأْنس بِهِ فَقَط، كَمَا يُسْتَفَاد مِنْهُ فهم هَذَا الإِمَام أَو الْعَالم لنَصّ من النُّصُوص أَو مذْهبه فِي مَسْأَلَة من الْمسَائِل، وَكَذَلِكَ يحْتَج بِهِ على من نسب إِلَى هَذَا الْعَالم خلاف مَا ثَبت عَنهُ، أما اعْتِبَار قَول مَالك أَو غَيره
_________
١ أما مَشْرُوعِيَّة زِيَارَة الْقُبُور بِمَا فِي ذَلِك قبر رَسُول الله ﷺ بِدُونِ شدّ الرّحال - فقد سبق أَن ذكرنَا فِي تعليقاتنا السَّابِقَة دليلها بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح: " كنت نَهَيْتُكُمْ ... الحَدِيث"، كَمَا نوهنا على أَن شدّ الرّحال غير جَائِز لغير الْمَسَاجِد الثَّلَاثَة؛ عملا بِحَدِيث: "لَا تشد الرّحال ... الحَدِيث" وَالَّذِي يُلَاحظ أَن الْكَاتِب يَقع أَحْيَانًا فِي الْخَلْط بَين الْأَمريْنِ. "الْمجلة".
1 / 202