Copérnico, Darwin, Freud: Revoluciones en la historia y filosofía de la ciencia
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Géneros
تكلمنا في الصفحات السابقة عن النظريات الفلكية والنموذجين الأرضي المركز والشمسي المركز وقوانين كبلر للكواكب. يرتكز المشروع العلمي على عدد من الركائز، منها النظريات والنماذج، والقوانين، والقيود. كيف ترتبط هذه الركائز بعضها مع بعض؟ كيف تختلف النظرية عن النموذج؟ ما هو قانون الطبيعة؟ إن القيود، كما أكدنا، ترسم مساحة مقيدة. ويمكننا توسيع مساحة القيود عن طريق إدخال مزيد من القيود، كما يوضح تاريخ علم الفلك. وسع تيكو براهي الأساس الرصدي الذي ينبغي بناء النماذج الفلكية عليه. وعندما رفض كبلر ميتافيزيقا الأفلاك الدائرية أصبح صاحب التغيير الأكثر ثورية في مساحة قيود علم الفلك على مدار ألفي عام. (أ) النظريات والنماذج
يمكننا التفكير في النظرية العلمية كنظام مفاهيمي متسق يربط عددا من العناصر النظرية، التي تكون مهمة للممارسة العلمية. تنطبق النظرية العلمية على مجال ما، ويتضمن هذا المجال كافة الظواهر في جميع الأنظمة الممكنة التي تنطبق عليها النظرية. تضم النظرية الكوبرنيكية كل الأنظمة الكوكبية الجامدة كمجال لها. وتضم النظرية الداروينية كل النظم البيولوجية الحية كمجال لها. وتزعم كلتا النظريتين أنها تستطيع تفسير جميع أنواع السلوكيات ذات الصلة في النظم التي تقع ضمن مجالها. ترغب النظرية الكوبرنيكية في تفسير توزيع الأنظمة الشمسية وحركات الكواكب، وترغب النظرية الداروينية في تفسير جميع الظواهر التطورية، وتقدم النظريات العلمية إلى حد ما أيضا رؤى كونية؛ وهذا يعني أنها تقدم منظورا معينا حيال النظم الطبيعية أو الاجتماعية التي تشكل مجالها. تخبر الرؤى الكونية الناس بماهية العالم ومكانة البشر فيه. تعبر نظريات مركزية الشمس والداروينية والفرويدية عن هذه الآراء الميتافيزيقية إزاء العالم. وعندما تتغير النظرية، تواجه تلك الرؤى الكونية تهديدا. وهذه اللحظات في تاريخ العلم تمثل مناسبات للثورات العلمية. يمكن أن تفسر مقاومة تغيير النظريات العلمية جزئيا بسبب ارتباطها بالرؤى الكونية. وتتضح هذه العملية على نحو جلي في الانتقال من مركزية الأرض إلى مركزية الشمس. وسنرى هذه العملية في الانتقال من مرحلة ما قبل الداروينية إلى النظريات التطورية للأنظمة البيولوجية.
عادة ما تجسد النظريات العلمية عددا من المبادئ الأساسية، التي تكون بمنزلة قيود. على سبيل المثال، ذكر كوبرنيكوس في كتابه «الشرح المختصر» سبعة مبادئ لعلم الفلك، بما في ذلك حركة الأرض (كوبرنيكوس، «الشرح المختصر» 1959، 58-59؛ كوبرنيكوس 1543، الكتاب الأول). وثمة مبادئ «ميتافيزيقية» مثل الاعتقاد بوجود حركة دائرية ووحدة الطبيعة، والتسليم أن كل حدث طبيعي محتم الحدوث. وكذلك يعد اعتقاد جاليليو أن كتاب الطبيعة مكتوب بلغة الرياضيات أيضا قناعة ميتافيزيقية، كما أنه توجد «مبادئ منهجية» مثل الاعتقاد باتساق النظام، وبساطة التفسير، وإمكانية التثبت من الصلاحية التجريبية للنظرية. وثمة «مبادئ رياضية» مثل الأدوات الهندسية الخاصة بالإغريق أو استخدام الجبر في الفترة التي تلت كبلر. وفضلا عن هذه المبادئ، تحتوي معظم النظريات العلمية الحديثة على مجموعة من «القوانين الرياضية». أصبح هذا واضحا - لأول مرة - في أعمال كبلر. ولاحقا عندما أصبح النموذج الشمسي المركز أكثر تطورا، استطاعت النظرية أن تظهر طريقة ارتباط القوانين المختلفة أحدها مع الآخر. أوضح نيوتن كيف يمكن أن تستمد قوانين كبلر من قانون أساسي على نحو أكبر، وهو قانون الجاذبية. وأخيرا، يجب أن تجسد النظريات العلمية مجموعة من «الفرضيات التجريبية». وهذه الفرضيات التجريبية تواجه القيود التجريبية؛ أي الأدلة التجريبية، التي يجب أن تستقى من المبادئ المجردة. ويمكن رؤية تطبيق ذلك في نظرية مركزية الشمس مثلا. تقدم نظرية مركزية الشمس عبارة عامة للغاية مفادها أن «جميع» الأنظمة الكوكبية، وليس فقط النظام الشمسي، تتكون من عدد من التوابع التي تدور حول جرم ذي جاذبية مركزية. ومن أجل تأكيد هذه النظرية العامة، من الضروري استقاء عبارات قابلة للاختبار بشأن نظام معين. كان النظام الشمسي مناسبا للغاية؛ لأنه يمكن رصده من خلال الأدوات المتاحة لجاليليو ومعاصريه. يمكننا أن نعامل هذه المبادئ على أنها تشكل مساحة قيود. تتكون مساحة القيود من القيود التجريبية والنظرية، وتشمل النظريات العلمية أيضا عددا من النماذج، وتسمح النماذج للنظرية بتمثيل جوانب معينة من العالم، وتتمثل وظيفة النظرية العلمية في إلقاء غطاء من الاتساق على كل هذه العناصر، فتوضح النظرية طريقة توافق جميع هذه العناصر معا، وطريقة ترابط نماذج النظرية، وتبين كيف تكون البيانات الرصدية والتجريبية من التبعات الاستنتاجية أو الاستقرائية لمبادئ النظرية. «النماذج» ذات أهمية خاصة، لأنها توفر للنظرية وسائل التمثيل؛ فالنظرية تحتاج النماذج من أجل تمثيل جوانب معينة من العالم، ومن الممكن توضيح هذه الفكرة بسرعة. يمكن بسهولة الخلط بين النظرية الكوبرنيكية والنموذج؛ لأنها نظرية لها مجال محدود للغاية؛ فبالنسبة لكوبرنيكوس، كان النظام الشمسي والنجوم الثابتة يشكلان الكون كله. على وجه الدقة، النظرية الكوبرنيكية ليست سوى نموذج كوبرنيكي، ولكن هذا ليس سوى حالة عرضية لهذا الاكتشاف؛ فلا تقتصر النظرية الكوبرنيكية على النظام الشمسي؛ فغرضها ليس إدراج كواكب النظام الشمسي المعروفة فحسب في مجالها، ولكن أيضا إدراج كل النظم الكوكبية في أي مجرة؛ فإذا وسعناها على هذا النحو، فإنها تصبح نظرية. وتشمل النظرية الكوبرنيكية في مجالها كل النظم الكوكبية في كل المجرات، ولكنها تتسع لما هو أكبر من ذلك بكثير؛ إذ تشمل أيضا جميع النظم الاصطناعية، مثل الأقمار الصناعية، التي يمكن إرسالها إلى مدارات. ثمة سمة أساسية من سمات النماذج وهي أنها لا تغطي سوى نطاق محدود من البيانات. ويوفر النظام الشمسي بيانات كافية لبناء نماذج فلكية مختلفة.
تعد قدرة النماذج على ربط عوامل متغيرة محددة في صورة نظام واحدة من أهم وظائف النماذج. ويمكن أن نسمي هذه الوظيفة «الاتساق» أو «الترابط». كان كوبرنيكوس مدركا تماما أن النموذج الشمسي المركز يجب أن يمثل نظام الكواكب. وكي تتمكن النماذج من أداء هذا الدور، يجب أن تخدم ثلاث وظائف أخرى: الفصل، وإضفاء المثالية، والتحويل إلى حقائق.
تركز النماذج على عدد قليل من عوامل النظام المستهدف المتغيرة التي يمكن التحكم فيها بمعزل عن عدد من العوامل المتداخلة. تهمل العوامل المتداخلة من أجل غرض النمذجة، وهذا ما يسمى عملية «الفصل». ربما تكون هذه العوامل المتداخلة عديمة الأهمية بوضوح، وفي هذه الحالة يتجاهلها النموذج على نحو مبرر. على سبيل المثال، تهمل أقمار الكواكب دوما في النماذج؛ فالنموذج يركز على جرم مركزي وتوابعه، ومع ذلك، ربما يكشف التدقيق القوي أن العوامل المفصولة لها تأثير ذو أهمية على العلاقة بين العوامل المتغيرة، وفي هذه الحالة يجب إدراجها في النموذج؛ فقمر الأرض له تأثير مهم على المد والجزر.
قد يكون حساب العوامل الحقيقية العاملة في العالم المادي معقدا جدا، وفي هذه الحالة يلزم أن يقدم النموذج تبسيطا رياضيا. تقوم النماذج ب «إضفاء المثالية» على العوامل المتغيرة لجعل علاقاتها قابلة للحساب في النماذج. وتسمى هذه العملية «إضفاء المثالية».
13
بمجرد التخلي عن عقيدة الحركة الدائرية، يصبح من الأسهل حسابيا النظر للدائرة باعتبارها تجسيدا مثاليا للمدار الإهليجي.
مرة أخرى، قد تكون النماذج الأكثر تعقيدا قادرة على الحد من عملية إضفاء المثالية على العوامل المتغيرة. ويطلق على إدراج العوامل ذات التأثير المهم والقضاء على إضفاء المثالية على العوامل المتغيرة اسم «التحويل إلى حقائق». ومن أهم عمليات التحويل إلى حقائق في تاريخ علم الفلك وضع كبلر لقوانينه للكواكب.
يوجد أيضا أنواع مختلفة من النماذج، ومعظم النماذج لها وظائف «تمثيلية». وعلى هذا المنوال فإن معظم النماذج في العلوم تخدم وظيفة عملية. والتمييز بين أنواع النماذج المختلفة يساعد على توضيح ما يعنيه التمثيل بالنسبة للنماذج. وعموما وظيفة النماذج هي تصوير الجوانب البنيوية للنظم الطبيعية الخاضعة للنمذجة. تذكر أن النماذج إما تركز على الترتيب المكاني لعناصر النظام - كما على سبيل المثال التوزيع المكاني للكواكب حول الشمس في النظام الشمسي - أو تضع مزيدا من التركيز على العلاقات «الرياضية» بين العوامل المتغيرة؛ على سبيل المثال، كما في الاعتماد الوظيفي لأحد العوامل المتغيرة على عامل آخر. عندما تركز النماذج على الترتيب المكاني، فإنها تمثل «البنية الطوبولوجية» للنظام الخاضع للنمذجة. وعندما تصبح العلاقة الرياضية بين العوامل المتغيرة في بؤرة التركيز، فإن النماذج تمثل «البنية الجبرية» للنظام.
Página desconocida