Copérnico, Darwin, Freud: Revoluciones en la historia y filosofía de la ciencia
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Géneros
علم كوبرنيكوس - من خلال عمله وعظمة شخصيته - الإنسان أن يكون متواضعا. (أينشتاين، «رسالة بمناسبة الذكرى 410 لوفاة كوبرنيكوس» (1953)، 359)
يشرع كوبرنيكوس في كتاب «عن دورات الأجرام السماوية» في إقناع قرائه أن فرضية مركزية الشمس ليست سخيفة كما قد تبدو، وقد تمكن من إقناع عدد من معاصريه مثل ريتيكوس ومايستلن في ألمانيا، ووجد بعض الأتباع في إنجلترا مثل توماس ديجس وويليام جيلبرت، وفي إيطاليا مثل جيوردانو برونو (دراير 1953، الفصل الثالث عشر)، ولكن في بداية القرن السابع عشر ظل كبلر يشير إلى أن العديد من الناس كانوا يصدمون بأفكار مركزية الشمس (كبلر 1619، 175). فواصل فرانسيس بيكون (1561-1626) - الذي كان معاصرا له - رفضه لقبول الكوبرنيكية.
لاقت الأطروحة الكوبرنيكية، في كثير من الأوساط، المعارضة والعداء. لم يجد معاصرو كوبرنيكوس صعوبة في تقبل التفاصيل الرياضية لعمله، بل كانت اعتراضاتهم فلسفية على نحو أكبر. فإذا اتبعت وجهة نظر كوبرنيكوس حرفيا، فإنها تزيل الأرض من محور الكون. عانى سكان الأرض من فقدان المركزية. ووفقا لكوبرنيكوس، فإنهم شعروا أنه لم يعد صحيحا أن الكون قد خلق من أجل البشر. قدمت فرضية مركزية الشمس الكوبرنيكية أكثر من مجرد أطروحة رياضية في علم الفلك المقتصر فهمه على مجموعة صغيرة من البشر. كانت هجوما على ما آمن به الناس حيال بنية العالم. ولم تكتسب فكرة مركزية الشمس تأييدا خاصة بين رجال الدين وعلماء الدين البروتستانتيين؛ فوصف مارتن لوثر كوبرنيكوس بأنه أحمق، مستشهدا بالكتاب المقدس. ووصفه فيليب ملانكتون - رفيق درب لوثر - ببساطة بأنه وقح. كانت الكنيسة الكاثوليكية قد تبنت نظرية مركزية الأرض من خلال عمل توما الأكويني. وكانت مقاومة الكنيسة الكاثوليكية ضد الحركة الفيزيائية للأرض حول الشمس تعود جزئيا إلى الضغوط الكنسية؛ فقد رأت الكنيسة الكاثوليكية أن سلطتها مهددة بسبب صعود البروتستانتية. وفرضت الكوبرنيكية تحديا إضافيا على العقيدة الكاثوليكية.
وخلال سعيهما لتخفيف الصدمة الناتجة عن أفكار مركزية الشمس، كان كبلر وريتيكوس حريصين على استخدام الحجج الغائية. فبينما فقدت المركزية المادية، لم ينغمس البشر في غياهب الحقارة الكونية. استثمرت الظواهر السماوية بغرض محدد. فيشير كبلر إلى أن الغرض من الحركة هو إثبات أن «الحركة تنتمي إلى الأرض بوصفها وطنا للمخلوق المفكر» (كبلر 1618-1621، الكتاب الرابع، الجزء الأول). حتى إن ريتيكوس يؤكد على أن «الفلك قد رصعه الله من أجلنا بعدد كبير من النجوم المتلألئة» (ريتيكوس 1540، 143).
لم يتقبل الكوبرنيكيون الأوائل أن مجرد الإزالة المادية للبشر من محور النظام الشمسي إلى الفلك الثالث تمثل حطا مؤلما للمكانة. للظواهر السماوية غاية، وهي لا تتأثر بالموضع المادي للأرض بين الكواكب، فغايتها تتمثل في خدمتها للبشرية. آمن أرسطو أن «الطبيعة علة تعمل لغاية ما» (أرسطو 1952أ، الكتاب الثاني، 8). و«كما أن الطبيعة لا تفعل شيئا بلا غاية أو عبثا، فلا بد أنها صنعت كل الحيوانات من أجل البشر» (أرسطو 1948، الكتاب الأول، 1256ب). يرى كوبرنيكوس أن وظيفته هي فهم «آلية العالم الذي بني لنا عن طريق الصانع الأفضل والأكثر تنظيما» (كوبرنيكوس 1543، تمهيد، 6). وتتردد أصداء عقيدة الغائية - وهي أن «الطبيعة لا تفعل شيئا دون غاية» - عبر تاريخ أفكار البشر حيال الطبيعة. حتى إن ريتيكوس استخدم الغائية لمجابهة السكولاستية. فلا بد أن الصانع الحكيم صنع نموذجا شمسي المركز، لأنه «سيتجنب إدراج أي دائرة زائدة في هذه الآلية» (ريتيكوس 1540، 137).
ظل الوضع هكذا حتى أزال نيوتن التفكير الغائي من العلوم الفيزيائية. واستغرق الأمر فترة أطول في العلوم البيولوجية، كما سنرى في الفصل الثاني. فإقناع الناس أن النجوم ليست مصنوعة لتلمع من أجل تسليتهم أسهل من إقناعهم بأن العيون ليست مصممة لهم لكي يروا.
رأى نيتشه أنه «منذ عصر كوبرنيكوس والبشر يتدحرجون عن المركز نحو المجهول.» واعتبر نفسه كوبرنيكوس ثانيا ووصف انتقاص الذات لدى «الرجل الأوروبي» كأكبر خطر (كوفمان 1974، 122، 288؛ نيتشه 1887، الكتاب الأول). رأى فرويد أيضا التحول الكوبرنيكي والثورة الداروينية كضربات خطيرة لصورة الذات البشرية. وقال الفيزيائي ديفيد دويتش من جامعة أكسفورد:
الرأي السائد اليوم هو أن الحياة - بعيدا عن كونها مركزية، سواء كان ذلك هندسيا أو نظريا أو عمليا - بلا أهمية على نحو لا يمكن تصوره تقريبا.
يختلف دويتش مع هذا الرأي. مع ذلك، من الحقائق الفيزيائية أن:
النظام الشمسي جزء ضئيل من مجرتنا، مجرة درب التبانة، وهي في حد ذاتها غير ملحوظة بين الكثير من المجرات في الكون المعروف؛ لذلك، وكما قال ستيفن هوكينج: يبدو أن «الجنس البشري مجرد زبد كيميائي على كوكب متوسط الحجم يدور حول نجم متوسط للغاية على الحدود الخارجية لواحدة من بين مئات مليارات المجرات.» (دويتش 1997، 177-178؛ راجع واينبرج 1977، 148؛ بلومنبرج 1981، الجزء الأول والسادس؛ 1965)
Página desconocida