Copérnico, Darwin, Freud: Revoluciones en la historia y filosofía de la ciencia
كوبرنيكوس وداروين وفرويد: ثورات في تاريخ وفلسفة العلم
Géneros
1-1 ).
إذا اتبعنا التعليمات، فإن قدرتنا على بناء نوع «واحد» من النماذج تمثل في الوقت نفسه عجزا عن بناء نموذج «مختلف». يمكننا التفكير في مجموعة الأدوات كإنشاء فضاء، على نحو أدق «فضاء محدد»، لاستيعاب النموذج الكوني. هذا الفضاء المحدد فضاء منطقي؛ لأنه يخلق بعض الاحتمالات المحددة لبناء النموذج، سواء تحققت أم لا. سيسمح لنماذج من النوع الهندسي أن تشغل هذا الفضاء، وستستبعد أنواع النماذج الأخرى. وتخضع لعبة الاحتمالات والمستحيلات للقيود التي نقبلها. عمل أرسطو في ظل قيود نظريته للحركة والكون ذي الفلكين. إذا غيرنا هذه القيود، فسيظهر فضاء منطقي آخر، ويستوعب أنواعا أخرى من النماذج. ويمكن فهم «القيود» على أنها شروط مقيدة، يجب التوافق مع عباراتها الرمزية من أجل أن تصبح عبارات علمية مقبولة بشأن العالم الطبيعي. وهذا يعلمنا بعض الدروس التي ستثير اهتمام فيلسوف العلم. (1)
تأتي النظريات العلمية مصحوبة ببعض «القيود»: قيود تجريبية ونظرية يمكن تقسيمها أكثر إلى قيود حسابية ومنهجية وميتافيزيقية. وتعمل النظريات العلمية في ظل هذه القيود. وباستثناء القيود التجريبية، تمثل هذه القيود «فرضيات مسبقة». الفرضيات هي افتراضات أساسية محمية - على الأقل في الوقت الراهن - من التحقيق النقدي، كما تقبل على أنها «حقيقية»؛ فهي بمنزلة بداهات تاريخية. إنها ليست معصومة من الشكوك، لكنها تظل حقائق لا جدال فيها لفترات معينة من الزمن. وسواء كانت صحيحة أو خاطئة، فإنها توجه الأبحاث في اتجاهات معينة. تحتوي مجموعة أدوات أرسطو مثل هذه الفرضيات؛ فالكون ذو الفلكين وأجهزته الهندسية - بما في ذلك نظرية الحركة - يشكلان الفرضيات الأرسطية. يمكن أن تتعرض الفرضيات للشكوك. وحدث هذا عندما استبدلت أجهزة أخرى بحلقات أرسطو المتحدة المركز. ومن خلال هذا التدقيق، تعدل القيود أو ترفض. وبالفعل، سوف يغير التعديل على تعليمات النموذج، مع الحفاظ على العناصر، احتمالات بناء النموذج. على سبيل المثال، اعتماد أفلاك التدوير خلق فضاء لنموذج بطليموس. وأحيانا التعديل على أحد القيود يكون أكثر تأثيرا. حرر التشكيك في نظرية الحركة الأرسطية والاستعاضة عنها بما يسمى «نظرية الزخم» الفضاء المقيد من أجل تطوير نظريات جديدة. من الصعب أن نتصور كيف يمكن أن تظهر نظرية مركزية الشمس لو لم تتغير بعض الفرضيات الأساسية (بلومنبرج 1965، الفصل 1). على سبيل المثال، كان كوبرنيكوس قادرا على رفض بعض الاعتراضات الكلاسيكية ضد حركة الأرض، لأنه لم يعد يسلم بنظرية الحركة الأرسطية. فسمح له تطور نظرية الزخم باعتبار أن حركة الأرض أمر طبيعي. (2)
يمكننا أن نرى أيضا أن بناء النموذج الكوني لا يقتصر على قراءته من المشاهدات المتاحة وحسب. فلا يمكن أن يكون كذلك إذا كانت الفرضيات واقعا للتفكير العلمي بقدر وسائله ونتائجه (فاينرت 2004). حتى وجهة النظر الاستدلالية البسيطة للمنهج العلمي لن تكفي، على الأقل ليس في حالة الثورات العلمية. لنسم وجهة النظر، التي ترى العلم تعميما مباشرا نابعا من المشاهدات والتجارب، «الاستدلال بالتعدد». انتقد فرانسيس بيكون بالفعل وجهة النظر تلك. فثمة طريقة أكثر تطورا تسمى «الاستدلال الإقصائي»، وأوصى فرانسيس بيكون بوجهة النظر هذه باعتبارها منهجا علميا مثمرا. لقد أطلق عليها اسم «الاستدلال الإقصائي»؛ لأن النماذج البديلة أو المنافسة تواجه بالأدلة التجريبية وغيرها من صور القيود. والنموذج الذي يبلي على نحو أفضل في ضوء هذه القيود سوف يكتسب مصداقية، في حين أن النموذج المنافس سوف يفقدها. إذن، تتطلب وجهة النظر هذه وجود نموذجين متاحين على الأقل يواجهان الأدلة. وكما سنرى، حدثت الثورتان الكوبرنيكية والداروينية من خلال الاستبعاد التدريجي لنماذج فاشلة في مواجهة عدد متزايد من القيود. أما وجه الصعوبة في الثورة الفرويدية فهو بالتحديد أن الأدلة المتوفرة غير قادرة على ترجيح كفة بعض النماذج عن كفة منافسيها . هل الأسلوب العلمي الغالب هو الاستدلال الإقصائي أم مبدأ الدحض الأكثر شيوعا، كما اقترحه كارل بوبر؟
وحتى في هذه المرحلة المبكرة من المناقشة، من الجيد طرح هذه الأسئلة الفلسفية؛ لأن القضايا الفلسفية لا يمكن فصلها عن الأمور العلمية والتاريخية، وهذا أحد الفرضيات الرئيسية في هذا الكتاب. بعبارة أخرى: «الثورات العلمية لها تبعات فلسفية.» وسنقابل هذا المنطق في كثير من النقاط على مدار الكتاب. (3)
ثمة سؤال مباشر يطرأ على الذهن، وليس فقط لذوي النزعة الفلسفية. هل هذه الأدوات الهندسية تمثل فعليا أفلاكا مادية، في حين أن الاختلافات غير المنتظمة مجرد ظواهر؟ هل هذه الأدوات الهندسية - فلك التدوير والمؤجل، والموازن والدوائر اللامتراكزة - تصف آلية فيزيائية ما موجودة في الطبيعة؟ هذه هي مسألة القوة «التمثيلية» للنماذج العلمية، التي شغلت بطليموس بالفعل. هل التمييز بين الظواهر والواقع - بين الطريقة التي يبدو أن الكواكب تتحرك بها وفقا للرصد بالعين المجردة والطريقة التي قيل إنها تتحرك بها وفقا للفرضيات الإغريقية - يتوافق مع سمة فيزيائية ما للكون؟ إذا كنا مهتمين بماهية العلم وما يفعله، فإن مثل هذه الأسئلة - على الرغم من أنها فلسفية بطبيعتها - لا مفر منها. وأيا كان الموقف الذي نتخذه استجابة لهذه الأسئلة، فإنها فعليا تؤدي دورا حقيقيا. انقسم أنصار نظرية مركزية الأرض حيال هذه المسألة؛ إذ اعتقد أرسطو أن الأفلاك كانت أفلاكا مادية حقيقية، كما تمتلك حركة طبيعية: دوران دائري. والحركة الطبيعية لتلك الأفلاك تحرك كل الأجرام السماوية، وهي تعتمد على محرك ثابت من أجل الحصول على احتياجاتها من الطاقة. كان بطليموس أقل تأكدا بكثير من الواقع المادي للكرات البلورية وأفلاك التدوير والمؤجلات التي استخدمها كأدوات هندسية. بالتأكيد كانت وظيفتها هي «تفسير الظواهر»، ولكن بطليموس لم يعتقد أن الأدوات الهندسية ملائمة للظواهر السماوية على نحو تام (بطليموس 1984، 600-601؛ دراير 1953، الفصل التاسع). حاولت النماذج الإغريقية التوفيق بين ما ترصده العين المجردة وبين فرضيات مسبقة بشأن العالم المادي. فلم تعتمد فرضيات وجود الحركة الدائرية المنتظمة، والكون ذو الفلكين، والأدوات الهندسية على الرصد . بل على العكس من ذلك ، بدت المشاهدات متعارضة مع الفرضيات. يا لسوء حظ المشاهدات! لم يشجع الفصل بين علم الكون الفيزيائي وعلم الفلك الرياضي علماء الفلك الإغريق على التفكير في المشاهدات كاختبارات للنماذج الرياضية. كان السؤال هو هل كانت النماذج تستطيع تحقيق ما هو أكثر من «تفسير الظواهر». يؤدي هذا السؤال إلى أفكار الفلسفة الذرائعية والواقعية؛ التفسير والتمثيل.
عانت نظرية مركزية الأرض من حالة عدم اليقين فيما يتعلق بالواقع المادي للنماذج الهندسية حتى لحظة زوالها النهائي، وقد أعرب العالم العربي تحديدا، الذي حافظ على تقاليد علم الفلك الإغريقي طوال العصور الوسطى، عن كثير من المعارضة ل «واقع» الأدوات الهندسية (روزن 1984)، ولكنها ظلت مستخدمة لنحو 1400 سنة، وقد تنبأت هذه الأدوات بمواقع الكواكب في حدود الدقة المطلوبة من جانب علماء الفلك الذين اعتمدوا على الرصد بالعين المجردة. واتبع هؤلاء العلماء نظرية الحركة الأرسطية وكون أرسطو.
كما نرى، أشار وصف نظرية أرسطو-بطليموس لمركزية الأرض إلى بعض القضايا الفلسفية العامة، التي يصعب فصلها عن المادة العلمية. (2-5) زعزعة الفرضيات المسبقة: بعض التطورات في العصور الوسطى (...) من خلال غاية الحركة ثبت «أن الحركة جزء من الأرض بوصفها وطنا للمخلوق المفكر.» (كبلر، «خلاصة الفلك الكوبرنيكي» (1618-1621)، الكتاب الرابع، الجزء الأول)
في مسرحية بريشت تصادم جاليليو مع ممثلي «المدرسة السكولاستية» (التمسك الشديد بالتعاليم التقليدية). يؤمن جاليليو بمركزية الشمس، والمشاهدات، واستقلال المنهج العلمي. يمثل عالم الرياضيات والفيلسوف عالما متدهورا؛ فهما يضعان ثقتهما في العلم الموجود في الكتب، وخبرة القدماء، ويتشبثان بإيمانهما بمركزية الأرض. يحاول جاليليو زعزعة معتقدات زائريه، ولكنها ليست آراء ضحلة؛ فهي تستند إلى فرضيات فلسفية تحدد فضاءهما المقيد. ويمكن ملاءمة نماذج معينة في هذا الفضاء المقيد، ولكن لا يمكن ملاءمة نماذج أخرى. أصبح بعض العلماء البارزين في القرن الرابع عشر منتقدين للمذاهب الراسخة؛ منهم نقولا دوتركور (توفي بعد 1350)، وجان بوريدان (1300-1358)، ونقولا الأورسمي (حوالي 320-382) في جامعة باريس، ووليم الأوكامي (1295-1349) في جامعة أكسفورد. ثمة تطوران جديران بالملاحظة على وجه الخصوص: (1) رأى نقولا دوتركور أنه يجب الفصل بين الفلسفة واللاهوت ؛ وهو الاقتراح الذي تبناه بعد ذلك جاليليو وباسكال. تمثلت الفكرة العامة في أن الفلسفة الطبيعية ينبغي أن تتناول العالم الطبيعي واللاهوت ينبغي أن يتناول العالم الروحي. (2) يجب أن تخضع النظرية الأرسطية للحركة لدراسة دقيقة. أشار نقولا الأورسمي وبوريدان - كما سيفعل كوبرنيكوس لاحقا - إلى أنه لا يمكن دحض الدوران اليومي للأرض من خلال الحجج المستمدة من النظرية الأرسطية للحركة. فوفقا لأرسطو، تقبع الأرض ثابتة في مركز العالم، لأنها تقف في مكانها الطبيعي. فإذا كانت ستتحرك، يجب أن يشعر الراصد الأرضي بتأثير هذه الحركة غير الطبيعية. كرر جان بودان - الفيلسوف السياسي الشهير من القرن السادس عشر - هذا المنطق القديم في 1597، بعد مرور خمسين عاما على صدور كتاب كوبرنيكوس (1547):
لا أحد في صوابه، أو يمتلك أدنى معرفة بالفيزياء، سيعتقد أبدا أن الأرض الضخمة الثقيلة بسبب وزنها وكتلتها، ستتمايل صعودا وهبوطا حول مركزها وحول مركز الشمس. فلو تحركت الأرض قيد أنملة، فسنرى انهيار المدن والحصون، والبلدات والجبال. (مقتبس من كون 1957، 190)
Página desconocida