Consultation in Islamic Law
الشورى في الشريعة الإسلامية
Géneros
رابعًا: الدين والاستقامة قال وهذه من الصفات الرئيسية في المستشار لئلا يغش فيما يستنصح فيه مستدلًا على ذلك بقول النبي ﵌ (المستشار مؤتمن). (١)
ويرى فريق من العلماء أن من صفات المستشارين أن يكونوا شيوخًا كبارًا في السن ولا يستشار الأحداث من الشباب، والصحيح أن لكل من الشيوخ والشباب مزايا فالشيوخ قد حنكتهم التجارب وعركتهم الأيام وصقلتهم الأحداث والسنون وشهدوا من الأحداث ما يسعف عقولهم باقتناص الآراء الصائبة، وقد كانت العرب تقول المشائخ أشجار الوقار ومنابع الأخبار لا يطيش بهم فهم ولا يسقط بهم وهم. وقال بعض العلماء الآراء هي قياس أمور مستقبلة على أمور ماضية ولها أمثال وأشباه، ومادة الرأي التجارب مباشرة أو سماعًا فلكثرة التجارب ندب إلى استشارة المشائخ، أما الشباب فإنهم إذا تمتعوا بأمزجة صحيحة وقرائح سليمة وعلوم غزيرة فربما فاقوا في إدراك الصواب الكهول والشيوخ، وكان يقال عليكم بآراء الأحداث ومشاورة الشباب فإن لهم أذهانًا تغل الفواصل وتحطم الذوابل، وكان مجلس عمر بن الخطاب ﵁ يغص بالقراء والعلماء شيوخًا كانوا أو شبانًا وربما استشارهم، وكان يقول: لا يمنع أحدكم حداثة سنه أن يشير برأي فإن الرأي ليس على حداثة السن ولا على قدمه ولكن على أمر يضعه الله حيث يشاء. (٢)
أما أبو الفتح البوستي فهو يقول:
خصائص من تشاوره ثلاثٌ فخذ منها جميعًا بالوثيقة
ودادٌ خالصٌ ووفور عقلٍ ومعرفة بحالك بالحقيقة
فمن حصلت له هذي المعاني فتابع رأيه والزم طريقه (٣)
ولصلاح بن عبدالقدوس:
ولا مشير كذي نصحٍ ومقدرةٍ في مشكل الأمر فختر ذاك منتصحا (٤)
ولا مانع من أخذ رأي المرأة ومشاورتها في الأمور العامة كما فعل النبي ﵌ في قصة مشاورته لأم سلمة ﵂ في الحديبية، وذهب البعض من العلماء إلى القول بجواز عضوية المرأة لمجلس الشورى، وفي ذلك يقول الدكتور محمود الخالدي: إنه كما كان مجلس الشورى وكيلًا عن الناس في الرأي والمرأة يجوز لها شرعًا أن تبدي رأيها للخليفة، لذلك يجوز للمرأة أن تكون عضوًا في مجلس الشورى والدليل على ذلك ما يلي:
أولًا: لم يرد في الشرع أي دليل على تحريم انتخاب المرأة عضوًا في مجلس الشورى، فدل على أنه مباح، أما ما ورد في السنة في قوله ﵌ (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) (٥) فإنه لا علاقة له بمجلس الشورى لأن الحديث وارد في الحكم ومجلس الشورى ليس من قبيل الحكم، فلا يكون دليلًا على ذلك.
ثانيًا: في السنة الثالثة عشر للبعثة أي السنة التي هاجر فيها النبي ﵌ قدم عليه خمسة وسبعون مسلمًا من المدينة منهم ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان وبايعوه جميعًا بيعة العقبة الثانية وهي بيعة حرب وقتال وبيعة سياسة، وبعد أن فرغوا من بيعته قال لهم جميعًا: (أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم كفلاء) (٦) وهذا أمر فيه توجيه للجميع بأن ينتخبوا من الجميع ولم يخصص الرجال ولم يستثن النساء، لا فيمن يُنتخب ولا فيمن يَنتخب، والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد دليل للتخصيص والتقييد فيدل على أن الرسول ﵌ أمر المرأتين أن تنتخبا النقباء، وجعل للمرأتين حق انتخابهما من المسلمين نقيبتين.
(١) - سبق تخريجه. (٢) - انظر الشورى بين الأصالة والمعاصرة - مصدر سابق ص ٣٩ - ٤١ بتصرف. (٣) - ديوان أبو الفتح البوستي ص٣٧٥. (٤) - ادب الدنيا والدين للماوردي ص٢٢٠. (٥) - الترمذي في كتاب الفتن باب ٧٥ حديث ٢٢٦٢، وقد رواه أحمد في المسند والبخاري والنسائي. (٦) -السيرة النبوية لابن هشام ج٢ - ص ٦٤.
1 / 201