Consultation in Islamic Law
الشورى في الشريعة الإسلامية
Géneros
الشورى في تفريق الأحزاب
بعد أن اشتدت الأمور على المسلمين في غزوة الأحزاب واستشار النبي ﵌ بعض أصحابه في تخذيل المسلمين وتفكيك جموع الأحزاب المهاجمين للمدينة فبعث إلى عيينة بن حصن والحارث بن عوف المري وهما قائدا غطفان وساومهما على أن يأخذا ثلث ثمار المدينة ويرجعا بمن معهما، ولكن الرسول ﵌ ما كان ليبرم الأمر في أمر لم ينزل فيه وحي حتى يستشير فيه فأرسل إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وهما سيدا الأوس والخزرج فقالا: يا رسول الله أمر تحبه فنصنعه أم شيئ أمرك الله به لا بد لنا من العمل به أم شيئ تصنعه لنا فقال ﵌: (بل شيئٌ أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا لأني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة كالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم إلى أمر ما) فقال له سعد بن معاذ: يا رسول الله قد كنا وهؤلاء على الشرك بالله وعبادة الأصنام لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلوا منا تمرة واحدة إلا قِرًا أوبيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وعزنا بك نعطيهم أموالًا ما لنا بهذا من حاجة والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم فقال النبي ﵌: (فأنت وذاك)، فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب (١). ويظهر هنا أن الشورى زادت المؤمنين صلابة وقوة وأن الرسول ﵌ لم يحمل أصحابه على رأيه بل نزل صلوات الله وسلامه عليه إلى رأي الصحابيين الجليلين سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وفي ذلك عظة وعبرة لقادة المسلمين في كل زمان ومكان، ويستفاد من قصة غزوة الأحزاب وثبات المسلمين فيها وإنزال النصر عليهم وإرسال الله جنودًا لم يروها وجَعْلِ كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا الأمور التالية:
١) أن المسلمين اعتصموا بحبل الله جميعًا.
٢) أن الرسول ﵌ لم ينفرد برأيه دون مشاورة أصحابه فقد استشارهم في مكان القتال فاتفقوا على البقاء في المدينة والدفاع عنها أمام جموع الكفر وأحزابه من عرب ويهود.
٣)
(١) - السيرة النبوية لابن هشام ص ٢٣٤.
1 / 161