2

Confusion Among People Regarding Speech, with a Clarification of the Truth Indicated by Evidence and Affirmed by Sound Intuition

اضطراب الناس في مسألة الكلام مع بيان الحق الذي تدل عليه الأدلة وتشهد به الفطر السليمة

Editorial

الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة

Número de edición

السنة السادسة عشرة

Año de publicación

العدد الثاني والستون - ربيع الآخر - جمادى الآخرة ١٤٠٤هـ/١٩٨٤م

Géneros

ولوترك الناس على فطرهم السليمة وعقولهم الصحيحة لم يقع بينهم نزاع في مثل ذلك من الضروريات ولكن الشياطين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا فيَضلون ويُضلون غيرهم. ونعوذ بالله من فتن المضلِّين. وإنما حصل النزاع في معنى الكلام ومسماه عند المتأخرين بعد ما حدثت البدع وكثرت بها الشبه والشكوك فمرضت القلوب وفسدت العقول وكثر القيل والقال. فقال بعضهم: "الكلام حقيقة في اللفظ مجاز في المعنى تسمية المدلول باسم الدال"، وقال آخرون: "عكس ذلك". وقيل: "يطلق الكلام على اللفظ والمعنى بطريق الاشتراك اللفظي"، وقيل: "حقيقة في كلام الناس؛ لأن لكلامهم حروفًا وأصواتًا تقوم بهم ومجاز في كلام الله ﷿"١. والصواب في ذلك هو ما ذكرناه آنفًا بأن الكلام: "مجموع اللفظ والمعنى فمسماه مركب".

١ شرح العقيدة الطحاوية.

الكلام من صفات الله تعالى: قد تواتر عن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام: أن الله تعالى متكلم موصوف بالكلام حيث أخبروا عن الله ﷿ بأنه: أمر بكذا ونهى عن كذا وأخبر بكذا، وكل ذلك من أقسام الكلام. ووصف الله تعالى نفسه المقدسة بالكلام كما وصف نفسه بالعلم والقدرة والإرادة ونحو ذلك من صفات الكمال. وصفاته جل وعلا لا تماثل صفات المخلوقين فهي صفات كمال تختلف عن صفات المحدثات كما تختلف ذاته المقدسة عن ذواتهم، ليس كمثله شيء. وذلك أن المعاني والصفات التي تطلق على الخالق والمخلوق بالاشتراك لها اعتباران: أـ اعتبار العموم والتجريد من الإضافة نحو: الحياة والعلم والقدرة والكلام، فهي بهذا الاعتبار مشتركة بين الخالق وبين المخلوق. ولا يلزم من اشتراكهما في الأسماء والمعاني من حيث العموم وعدم الإضافة تشبيه ولا تمثيل؛ لأن هذا المشترك مطلق كلي لا وجود له في الخارج والواقع وإنما يفرضه الذهن، والذهن يفرض المحال.

1 / 106