28

الموازنة بين «الفائق» للزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) و«النهاية» لابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ)

الموازنة بين «الفائق» للزمخشري (ت ٥٣٨ هـ) و«النهاية» لابن الأثير (ت ٦٠٦ هـ)

Géneros

بالنبوَّة هاهنا ما جاءت به النبوةُ ودَعَتْ إليه من الخيرات. وله براعة في النحو، والصرف، واللغة عمومًا، ومن شواهدِ المسائل النحوية، قوله في الحديث (١) «فهذا أوانُ قَطَعَتْ أَبْهَري»: يجوز في «أوان» الضمُّ والفتح، فالضمُّ لأنه خبر المبتدأ، والفتحُ على البناء، لإضافته إلى مبني كقوله: على حينَ عاتبتُ المشيبَ على الصِّبا ... وقلتُ ألمَّا تَصْحُ والشيبُ وازعُ وذكر حديث لقيط (٢) «لَعَمْرُ إلهكِ» فقال: وهو رفعٌ بالابتداءِ، والخبر محذوفٌ تقديره: لَعَمْرُ الله قسمي، واللام للتوكيد، فإن لم تأت باللام نصَبْتَه نَصْبَ المصادرِ، أي بإقرارِك لله وتعميرك له بالبقاء. ومن المسائل الصرفية، قوله: ففي الحديث (٣): «فأدخلتُها الدَّوْلَجَ». يقول: أصله وَوْلَج لأنه فَوْعَلٌ، من وَلَجَ يَلِجُ إذا دخل، فأبدلوا من الواو تاء فقالوا: تَوْلَج، ثم أبدلوا من التاء دالًا فقالوا: دَوْلج، والواو فيه زائدة. ومن اهتمامه ببيان الوجه البلاغي، أنه يشير إلى التشبيه ووجهه، والاستعارة، والكناية، وغير ذلك من فنونِ البلاغة، ومن ذلك قوله في حديث الحسن في ابن عباس (٤): «إنه كان مِثَجا». أي: كان يصبُّ الكلام صَبا، شبَّه فصاحته وغزارةَ منطقه بالماء المثجُوج، والمِثَجُّ من أبنية المبالغة. وفي حديث الحديبية (٥): «قد لبسوا لك جلودَ النّمور». يقول: هو كناية عن شدَّة

(١) «النهاية» (١/ ١٨). (٢) «النهاية» (٣/ ٢٩٨). (٣) «النهاية» (٢/ ١٤١). (٤) «النهاية» (١/ ٢٠٧). (٥) «النهاية» (٥/ ١١٨).

1 / 28