وحي من الله وأنها المبيِّنة لما أشكل من كتاب الله، فلما كانت للسنَّة هذه المكانة أولاها السلف غاية اهتمامهم، وبذلوا من أجل جمع الحديث وأسانيده كل ما في وسعهم، حتى رحلوا المسافات البعيدة على بعد الشُّقَّة وعِظَم المشَقَّة طلبًا للحديث وبحثًا عن أسانيده وذلك امتثالًا لقوله تعالى: ﴿فَلَولا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مُنْهُمْ طَائِفَةً لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّيْنِ وَلْيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ . ١
وقوله ﷺ: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة". ٢
وقد كانت الرحلة في طلب الحديث من لوازم طريقة المحدثين ومنهجهم في التحصيل العلمي، قال الحافظ ابن الصلاح: "وإذا فرغ من سماع العوالي والمهمات التي ببلده فليرحل إلى غيره".
رُوِّينا عن يحيى بن معين أنه قال: أربعة لا تؤنس منهم رشدًا: حارس الدرب، ومنادي القاضي، وابن المحدِّث، ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث.
وَرُوِّينا عن أحمد بن حنبل ﵁ أنه قيل له: أيرحل الرجل في طلب العلو فقال: بلى والله شديدًا، لقد كان علقمة والأسود يبلغهما الحديث عن عمر ﵁ فلا يقنعهما حتى يخرجا إلى عمر فيسمعانه منه.
وعن إبراهيم بن أدهم ﵁ قال: إن الله تعالى