El Contrato Detallado en la Tribu de la Gloria Exaltada
العقد المفصل في قبيلة المجد المؤثل
لم يغد شكرك في الخلائق مطلقا ... إلاّ ومالك في النوال حبيس
خوّلتنا شمسًا وبدرًا أشرقت ... بهما لدينا الظلمة الحنديس
رشأ أتانا وهو حسنًا يوسفٌ ... وغزالةٌ هي بهجة بلقيس
هذا ولم تقنع بذاك وهذه ... حتّى بعثت المال وهو نفيس
أتت الوصيفة وهي تحمل بدرةً ... وأتى على ظهر الوصيف الكيس
وحبوتنا ممّا أجادت حوكه ... مصرٌ وزادت حسنه تنبيس
فغدا لنا من جودك المأكول وال ... مشروب والمنكوح والملبوس
فقال له سيف الدولة: أحسنت إلاّ في لفظة المنكوح فليس هو ممّا يخاطب به الملوك.
وقال أبوالطيب المتنبي:
علَّ الأمير يرى ذلّي فيشفع لي ... إلى التي تركتني في الهوى مثلا
عابوا عليه ذلك حيث جعل ممدوحه ساعيًا بينه وبين محبوبته في الوصال، ولا خفاء في دنائة هذه الرتبة، وقد سبقه إلى ذلك أبو نؤاس مع أنّه أقلّ شناعة، وإن كان الكلّ شنيعًا، وذلك حيث يقول:
سأشكو إلى الفضل ابن يحيى بن خالد ... هواك لعلَّ الفضل يجمع بيننا
وقد سبقهما إلى ذلك قيس بن ذريح حين طلّق زوجته لبنى وتزوّجت غيره، فندم على ذلك وشبّب بها في كلّ معنى، فرحمه ابن أبي عتيق فسعى في طلاقها من زوجها وأعادها إليه، فقال يمدحه:
جزى الرحمن أفضل ما يجازي ... على الإحسان خيرًا من صديق
وقد جرّبت إخواني جميعًا ... فما ألفيت كابن أبي عتيق
سعى في جمع شملي بعد صدع ... ورأي حدت فيه عن الطريق
وأطفأ لوعةً كانت بقلبي ... أغصّتني حرارتها بريقي
فلمّا سمعها ابن أبي عتيق قال لقيس: أمسك يا حبيبي عن هذا المدح، فما يسمعه أحد إلاّ ويظنّني قوّادًا.
وقول أبي الطيب المتنبي من قصيدة يرثي أخت سيف الدولة ويعزّيه عنها:
وهل سمعت سلامًا لي ألمَّ بها ... فقد أطلتُ وما سلمتُ عن كثب
عابوا عليه وقالوا: ما باله يسلّم على حرم الملوك ويذكر منهنّ ما يذكره المتغزّل.
وقوله أيضًا من هذه القصيدة:
يعلمن حين يحبي حسن مبسمها ... وليس يعلم إلاّ الله في الشنب
قال أبوبكر الخوارزمي: لو عزّاني إنسان في حرم لي بمثل هذا لألحقته بها وضربت عنقه على قبره.
وقال الصاحب بن عبّاد: مررت لأبي الطيب على مرثية في أُمّ سيف الدولة تدلّ على فساد الحس في سوء أدب النفس، وما ظنّك فيمن يخاطب ملكًا في أُمّه فيقول:
بعيشك هل سلوت فإنّ قلبي ... وإن جانبت أرضك غير سالي
فيتشوّق إليها ويخطي خطًا لم يسبق إليه وإنّما يقول هذا من يرثي بعض أهله فأمّا إستعماله إيّاه في هذه المواضع فدالٌّ على ضعف البصر بمواقع الكلام.
وفي هذه القصيدة يقول:
صلاة الله خالقنا حنوطا ... على الوجه المكفّن بالجمال
قال الصاحب بن عبّاد: لا أدري هذه الإستعارة أحسن أم وجه والدة الملك يرثيها بالجمال أم قوله في وصف قراباتها وجواريها:
أتتهنّ المصيبة غافلات ... فدمع الحزن في كحل الدلال
وقول المتنبي أيضًا من قصيدة أُخرى:
فلا يحزن الله الأمير فإنّني ... لآخذ من حالاته بنصيب
قال الصاحب بن عبّاد: لا أدري لم لا يحزن سيف الدولة إذا أخذ المتنبّي بنصيب من حالاته.
وقوله أيضًا:
تبلُّ خدّي كلّما ابتسمت ... من مطر برقه ثناياها
قالوا: هذه كانت تبصق في وجهه.
وقوله أيضًا:
يقلّبهم وجه كلّ سابحة ... أربعها قبل طرفها تصل
قيل: إنّ الجزار التغلبي قال عندما سمع هذا البيت: هذه كانت عينها في أُستها.
وقوله أيضًا:
كفّي بجسمي نحولًا إنّني رجلٌ ... لولا مخاطبتي إيّاك لم ترني
قالوا: فهو إذًا ضرطة تسمع ولا ترى.
وقول الحاجري:
ومااخضرّ ذاك الخدّ نبتًا وإنّما ... لكثرة ما شقّت عليه المرائر
فلمّا سمعه الناصر بن العزيز قال: عسى أن يكون الخدّ مسلخًا.
وقول مهيار:
في صدرها حجرٌ وتحت صدارها ... ماءٌ يشف وبنانة تتعطّف
قالوا: أُنظر إلى قوله: في صدرها حجر، ما أبشعه لما فيه من إيهام الدعاء.
1 / 86