الْمُقدمَة
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله الَّذِي بعث سيدنَا مُحَمَّدًا إِلَى الْعَرَب والعجم ليستضيئوا بِهِ فِي الظُّلُمَات وينال بِسَبَبِهِ معالي المقامات من كَانَ أهل عوالي الهمم وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده وَأَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله الَّذِي لَا نَبِي بعده صلى الله عَلَيْهِ وَآله وَصَحبه وَبَارك وَسلم
وَبعد فَيَقُول العَبْد الضَّعِيف المفتقر إِلَى رَحْمَة ربه الْكَرِيم ولي الله بن عبد الرحيم صانه الله تَعَالَى عَمَّا شَأْنه وَأصْلح باله وحاله وشأنه
هَذِه رِسَالَة سميتها عقد الْجيد فِي أَحْكَام الإجتهاد والتقليد حَملَنِي على تحريرها سُؤال بعض الْأَصْحَاب عَن مسَائِل مهمة فِي ذَلِك الْبَاب ﷺ َ - بَاب فِي بَيَان حَقِيقَة الإجتهاد وَشَرطه وأقسامه ﷺ َ -
حَقِيقَة الإجتهاد على مَا يفهم من كَلَام الْعلمَاء استفراغ الْجهد فِي إِدْرَاك الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة الفرعية من أدلتها التفصيلية الراجعة كلياتها إِلَى أَرْبَعَة أَقسَام الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس وَيفهم من هَذَا أَنه أَعم من أَن يكون استفراغا فِي إِدْرَاك حكم مَا سبق التَّكَلُّم فِيهِ من الْعلمَاء السَّابِقين أَو لَا وافقهم فِي ذَلِك أَو خَالف وَمن أَن يكون ذَلِك بإعانة الْبَعْض فِي التَّنْبِيه على صور الْمسَائِل والتنبيه على مآخذ الْأَحْكَام من الْأَدِلَّة التفصيلية أَو بِغَيْر إِعَانَة مِنْهُ فَمَا يظنّ فِيمَن كَانَ مُوَافقا لشيخه فِي أَكثر الْمسَائِل لكنه يعرف لكل حكم دَلِيلا ويطمئن قلبه بذلك الدَّلِيل وَهُوَ على بَصِيرَة من أمره أَنه لَيْسَ بمجتهد ظن فَاسد وَكَذَلِكَ مَا يظنّ من أَن الْمُجْتَهد لَا يُوجد فِي هَذِه الْأَزْمِنَة اعْتِمَادًا على الظَّن الأول بِنَاء على فَاسد
وَشَرطه أَنه لَا بُد لَهُ أَن يعرف من الْكتاب وَالسّنة مَا يتَعَلَّق بِالْأَحْكَامِ ومواقع الْإِجْمَاع وشرائط الْقيَاس وَكَيْفِيَّة النّظر وَعلم الْعَرَبيَّة والناسخ والمنسوخ وَحَال الروَاة وَلَا حَاجَة إِلَى الْكَلَام وَالْفِقْه قَالَ الْغَزالِيّ إِنَّمَا يحصل الإجتهاد فِي
1 / 3