80

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Editorial

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Número de edición

الأولى

Año de publicación

1389 AH

Ubicación del editor

لبنان

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يُفْسِدُهُ إلَّا السَّمَكُ لِمَا مَرَّ. وَلَنَا أَنَّهُ مَاتَ فِي مَعْدِنِهِ فَلَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ كَبَيْضَةٍ حَالَ مُحُّهَا دَمًا، وَلِأَنَّهُ لَا دَمَ فِيهَا، إذْ الدَّمَوِيُّ لَا يَسْكُنُ الْمَاءَ وَالدَّمُ هُوَ الْمُنَجِّسُ، وَفِي غَيْرِ الْمَاءِ قِيلَ غَيْرُ السَّمَكِ يُفْسِدُهُ لِانْعِدَامِ الْمَعْدِنِ. وَقِيلَ لَا يُفْسِدُهُ لِعَدَمِ الدَّمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
ــ
[العناية]
وَالضُّفْدَعُ وَالسَّرَطَانُ. قِيلَ إنَّمَا قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا يُنَجِّسُهُ وَفِي هَذِهِ لَا يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي غَيْرِ مَعْدِنِهِ فَيُتَوَهَّمُ التَّنْجِيسُ فَيُنَاسَبُ نَفْيَهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ فِي مَعْدِنِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ تَنْجِيسُهُ بِوَاسِطَةِ الضَّرُورَةِ، لَكِنْ اُحْتُمِلَ تَغَيُّرُ صِفَةِ الْمَاءِ فَنَفَاهُ بِقَوْلِهِ لَا يُفْسِدُهُ (وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُفْسِدُهُ إلَّا السَّمَكَ لِمَا مَرَّ) يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا بِطَرِيقِ الْكَرَامَةِ آيَةُ النَّجَاسَةِ.
قِيلَ فِي هَذَا التَّعْلِيلِ إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الضُّفْدَعَ وَالسَّرَطَانَ يَجُوزُ أَكْلُهُمَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.
وَالْجَوَابُ أَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَطْلَقَ ذَلِكَ كُلَّهُ فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْهُ فَيَكُونُ الْإِلْزَامُ عَلَيْهَا (وَلَنَا أَنَّهُ مَاتَ فِي مَعْدِنِهِ) وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكُلُّ مَا مَاتَ فِي مَعْدِنِهِ كَانَ نَجِسًا فِي مَعْدِنِهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ نَجِسًا فِي مَعْدِنِهِ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ كَبَيْضَةٍ حَالَ مَجِّهَا دَمًا: أَيْ تَغَيَّرَتْ صُفْرَتُهَا دَمًا، حَتَّى لَوْ صَلَّى وَفِي كُمِّهِ تِلْكَ الْبَيْضَةُ تَجُوزُ الصَّلَاةُ مَعَهَا؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ فِي مَعْدِنِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا صَلَّى وَفِي كُمِّهِ قَارُورَةٌ فِيهَا دَمٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَيْسَتْ فِي مَعْدِنِهَا. قِيلَ هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَلَّا يُعْطَى لِلْوُحُوشِ وَالطُّيُورِ حُكْمُ النَّجَاسَةِ إذَا مَاتَتْ فِي الْبَرِّ؛ لِأَنَّهُ مَعْدِنُهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِالْمَعْدِنِ مَا يَكُونُ مُحِيطًا فَإِنَّهُمْ يُمَثِّلُونَ بِالدَّمِ فِي الْعُرُوقِ وَالْمُخَّ فِي الْبَيْضَةِ وَأَشْبَاهَهُمَا وَلَيْسَ الْبَرُّ كَذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ لَا دَمَ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْحَيَوَانَاتِ إذْ الدَّمَوِيُّ لَا يَسْكُنُ الْمَاءَ وَالدَّمُ هُوَ الْمُنَجِّسُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) إذَا مَاتَ (فِي غَيْرِ الْمَاءِ) كَالْخَلِّ وَالْعَصِيرِ وَالْحَلِيبِ وَنَحْوِهَا (قِيلَ غَيْرُ السَّمَكِ يُفْسِدُهُ لِانْعِدَامِ الْمَعْدِنِ) وَهُوَ قَوْلُ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (وَقِيلَ لَا يُفْسِدُهُ) وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ (لِعَدَمِ الدَّمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ) لِاطِّرَادِهِ، قِيلَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ نَظَرٌ، أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْعَدَمِ عَلَى وُجُودِ الشَّيْءِ لَا يَجُوزُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعِلَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمَعْلُولِ لِجَوَازِ أَنْ يَثْبُتَ بِعِلَّةٍ أُخْرَى، وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيلٍ بَلْ هُوَ بَيَانُ انْتِفَاءِ الْمَانِعِ، فَإِنَّا قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تُعْطَى

1 / 84