Cinaya Sharh Hidaya

Al-Babarti d. 786 AH
76

Cinaya Sharh Hidaya

العناية شرح الهداية

Editorial

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

Ubicación del editor

لبنان

إذْ أَثَرُ التَّحْرِيكِ فِي السِّرَايَةِ فَوْقَ أَثَرِ النَّجَاسَةِ. ثُمَّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ التَّحْرِيكَ بِالِاغْتِسَالِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ﵀، وَعَنْهُ التَّحْرِيكُ بِالْيَدِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ بِالتَّوَضُّؤِ. وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الِاغْتِسَالِ فِي الْحِيَاضِ أَشَدُّ مِنْهَا إلَى التَّوَضُّؤِ، وَبَعْضُهُمْ قَدَّرُوا بِالْمِسَاحَةِ عَشْرًا فِي عَشْرٍ بِذِرَاعِ الْكِرْبَاسِ تَوْسِعَةً لِلْأَمْرِ عَلَى النَّاسِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، ــ [العناية] وَقِيلَ بِمَعْنَى فَاعِلٍ؛ لِأَنَّهُ يَغْدِرُ بِأَهْلِهِ لِانْقِطَاعِهِ عِنْدَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَنَا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا خَلَصَ بَعْضُهُ: أَيْ وَصَلَ إلَى بَعْضٍ كَانَ قَلِيلًا، وَإِذَا لَمْ يَخْلُصُ كَانَ كَثِيرًا لَا يَنْجَسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ، إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ كَالْمَاءِ الْجَارِي. ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا يُعْرَفُ بِهِ الْخُلُوصُ، فَذَهَبَ الْمُتَقَدِّمُونَ إلَى أَنَّهُ يُعْرَفُ بِالتَّحْرِيكِ: فَإِذَا حُرِّكَ طَرَفٌ مِنْهُ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ الْجَانِبُ الْآخَرُ فَهُوَ مِمَّا لَا يَخْلُصُ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّحَرُّكِ هُوَ التَّحَرُّكُ بِالِارْتِفَاعِ وَالِانْخِفَاضِ سَاعَةَ تَحْرِيكِهِ لَا بَعْدَ الْمُكْثِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْحَبَابِ، فَإِنَّ الْمَاءَ وَإِنْ كَثُرَ يَعْلُوهُ وَيَتَحَرَّكُ. ثُمَّ اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي سَبَبِ التَّحْرِيكِ، فَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ التَّحْرِيكُ بِالِاغْتِسَالِ، وَهُوَ أَنْ يَغْتَسِلَ إنْسَانٌ فِي جَانِبٍ مِنْهُ اغْتِسَالًا وَسَطًا وَلَمْ يَتَحَرَّكْ الْجَانِبُ الْآخَرُ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو يُوسُفَ. وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ التَّحْرِيكُ بِالْيَدِ لَا غَيْرُ. وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ التَّحْرِيكُ بِالتَّوَضُّؤِ. وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الِاغْتِسَالِ فِي الْحِيَاضِ أَشَدُّ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى التَّوَضُّؤِ؛ لِأَنَّ الْوُضُوءَ يَكُونُ فِي الْبُيُوتِ عَادَةً. وَوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ التَّحْرِيكَ يَكُونُ بِالِاغْتِسَالِ وَبِالتَّوَضُّؤِ وَبِغَسْلِ الْيَدِ، إلَّا أَنَّ التَّحْرِيكَ بِغَسْلِ الْيَدِ يَكُونُ أَخَفَّ فَكَانَ الِاعْتِبَارُ بِهِ أَوْلَى تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ. وَوَجْهُ الثَّالِثِ أَنَّ مَبْنَى الْمَاءِ فِي حُكْمِ النَّجَاسَةِ عَلَى الْخِفَّةِ، فَإِنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَنْجَسَ وَإِنْ كَثُرَ الْمَاءُ، إلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ حُكْمَ النَّجَاسَةِ عَنْ بَعْضِ الْمِيَاهِ تَخْفِيفًا فَاعْتُبِرَ التَّحْرِيكُ الْوَسَطُ وَهُوَ التَّحْرِيكُ بِالْوُضُوءِ. وَذَهَبَ الْمُتَأَخِّرُونَ إلَى أَنَّهُ يُعْرَفُ بِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ التَّحْرِيكِ، فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَ بِالْكُدْرَةِ فَقَالَ إذَا اُغْتُسِلَ فِيهِ وَتَكَدَّرَ الْمَاءُ فَإِنْ وَصَلَتْ الْكُدَارَةُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ فَهُوَ مِمَّا يَخْلُصُ وَإِلَّا فَلَا. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ أَنَّهُ اُعْتُبِرَ بِالصَّبْغِ فَقَالَ: يُلْقَى زَعْفَرَانٌ فِي جَانِبٍ مِنْهُ، فَإِنْ أَثَّرَ الزَّعْفَرَانُ

1 / 80