Cinaya Sharh Hidaya
العناية شرح الهداية
Editorial
شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر
Número de edición
الأولى
Año de publicación
1389 AH
Ubicación del editor
لبنان
Géneros
Jurisprudencia Hanafí
مِنْ الْكَافِرِ ابْتِدَاءٌ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْهُ.
(وَيَنْقُضُ التَّيَمُّمَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْهُ فَأَخَذَ حُكْمَهُ (وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْمَاءِ إذَا قَدَرَ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ) لِأَنَّ الْقُدْرَةَ هِيَ الْمُرَادُ بِالْوُجُودِ الَّذِي هُوَ غَايَةٌ لِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ،
ــ
[العناية]
لَا يَكُونُ التَّيَمُّمُ مَوْجُودًا حَتَّى يَبْطُلَ لِوُجُودِ مُنَافِيهِ بَلْ الْبَاقِي صِفَةُ كَوْنِهِ طَاهِرًا وَالْكُفْرُ لَا يُنَافِيهِ، فَاعْتِرَاضُهُ عَلَيْهِ كَالِاعْتِرَاضِ عَلَى الْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ مِنْ الْكَافِرِ ابْتِدَاءً لِعَدَمِ النِّيَّةِ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْبَقَاءُ كَذَلِكَ لِوُجُودِهَا. فَإِنْ قِيلَ: الرِّدَّةُ تُحْبِطُ الْعَمَلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥] وقَوْله تَعَالَى ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [المائدة: ٥] وَوُضُوءُهُ وَتَيَمُّمُهُ مِنْ عَمَلِهِ فَكَيْفَ يَبْقَيَانِ بَعْدَ الرِّدَّةِ أُجِيبَ بِأَنَّ الرِّدَّةَ تُحْبِطُ ثَوَابَ الْعَمَلِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ زَوَالَ الْحَدَثِ كَمَنْ تَوَضَّأَ رِيَاءً فَإِنَّ الْحَدَثَ يَزُولُ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يُثَابُ عَلَى وُضُوئِهِ.
قَالَ (وَيَنْقُضُ التَّيَمُّمَ كُلُّ شَيْءٍ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّيَمُّمَ خَلَفٌ عَنْ الْوُضُوءِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَصْلَ أَقْوَى مِنْ الْخَلَفِ، فَمَا كَانَ نَاقِضًا لِلْأَقْوَى كَانَ نَاقِضًا لِلْأَضْعَفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَكُلُّ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ يَنْقُضُ التَّيَمُّمَ (وَيَنْقُضُهُ أَيْضًا رُؤْيَةُ الْمَاءِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ) وَإِسْنَادُ النَّقْضِ إلَى رُؤْيَةِ الْمَاءِ إسْنَادٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمَاءِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِعْمَالِ شَرْطٌ لِعَمَلِ الْحَدَثِ السَّابِقِ عَمَلُهُ عِنْدَنَا، وَالنَّاقِضُ حَقِيقَةٌ هُوَ الْحَدَثُ السَّابِقُ بِخُرُوجِ النَّجِسِ. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْقُدْرَةَ هِيَ الْمُرَادُ) قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ. وَقَوْلُهُ: (هُوَ غَايَةٌ لِطَهُورِيَّةِ التُّرَابِ) سَمَّاهُ غَايَةً مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى إذْ لَيْسَ فِي لَفْظِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ قَوْلُهُ: ﷺ «مَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ» وَكَلِمَةُ مَا لِلْمُدَّةِ: أَيْ مَا دَامَ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِدٍ لِلْمَاءِ، وَلَكِنَّ مَعْنَاهُمَا يَلْتَقِيَانِ فِي أَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ فَسُمِّيَ بِاسْمِ الْغَايَةِ. قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِهَاءِ طَهُورِيَّةِ التُّرَابِ انْتِهَاءُ الطَّهَارَةِ الْحَاصِلَةِ بِهِ كَالْمَاءِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ نَجِسًا بِالِاسْتِعْمَالِ وَتَنْتَهِي طَهُورِيَّتُهُ وَتَبْقَى الطَّهَارَةُ الْحَاصِلَةُ بِهِ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الطَّهَارَةَ الْحَاصِلَةَ بِهِ صِفَةٌ رَاجِعَةٌ إلَى الْمَحَلِّ، وَكُلُّ مَا هُوَ كَذَلِكَ فَالِابْتِدَاءُ
1 / 133