أوضحنا كل ما تقدم من الأبواب والفصول برسوم يزيد عددها على مائتين وسبعين رسما، وفيها رسوم نخبة مشاهير الناس على اختلاف الأزمنة والأماكن.
فجاء كتابا فريدا في بابه، فعسى أن يلاقي استحسان حضرات القراء، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
مقدمات تمهيدية
هل الفراسة علم صحيح
للعلماء في علم الفراسة أقوال متناقضة، فمن قائل بصحته إلى أدق جزئياته، وقائل بفساده من أساسه، وبينهما أقوال متفاوتة لا محل لتفصيلها، وعندنا أن الفراسة علم صحيح إلى حد محدود، إذ لا يختلف اثنان في إمكان الاستدلال على أخلاق الناس من النظر إلى ظواهرهم، من منا لا يتفق له أن يرى رجلا فيتوسم فيه الذكاء والفهم وسلامة النية ويرى رجلا آخر فيحكم عليه بالحمق والرياء أو خبث النية، وكم نرى من رجال لا نتمالك إذا نظرنا إلى هاماتهم وتكوين جماجمهم عن أن نحكم بشجاعتهم أو جبنهم بذكائهم أو عيهم، وفي التاريخ أدلة لا تحصى تؤيد ما نقوله بأجلى بيان فضلا عما جاء على ألسنة الأنبياء والحكماء.
ففي أمثال سليمان: «ذو الإثم هو رجل بليعال، فإنه يسعى بخيانة الفم يغمز بعينيه ويتكلم برجليه ويعلم بأصابعه»، و«من أغمض عينيه فلكي يفكر في الخدائع، ومن عض على شفتيه فقد أتم الشر» و«في وجه الفطن تضيء الحكمة، وعينا الجاهل في أقاسي الأرض.»
وقال يشوع بن سيراخ في كتابه (ص13 ع31 و32): «قلب الإنسان يغير وجهه إما إلى الخير وإما إلى الشر، طلاقة الوجه من طيب القلب، والبحث عن الأمثال يجهد الأفكار» و(ص19 ع26 و27) «من منظره يعرف الرجل، ومن استقبال وجهه يعرف العاقل، لبسة الرجل وضحكة الأسنان ومشية الإنسان تخبر بما هو عليه.»
وفي القرآن:
إن في ذلك لآيات للمتوسمين
و
Página desconocida