فتراها تجول بين جفون
تتمنى لو انها شفتان
وقال أمرسن الفيلسوف الأميركاني: العيون تنطق بكل لسان، ولا تحتاج في أحاديثها إلى ترجمان، لا ميزة عندها بين الأعمار أو المناصب أو الأجناس، ولا عبرة لديها بالغنى أو الفقر، بالعلم أو الجهل، بالقوة أو الضعف، ولا تفتقر في التعارف إلى وسيط كما يفعل الإنكليز، بل هي تقدم نفسها إليك وتخاطبك وتباحثك، فتوحي إليك في لحظة ما لا يستطيعه اللسان في أيام.
يتحادث الناس بعيونهم كما يتحادثون بألسنتهم، على أن حديث النواظر أفصح الحديثين؛ لأنه يدور في لغة عامة لا نحتاج في تعلمها إلى قاموس، إذا قالت العين قولا وقال اللسان آخر فالصادق هي لا هو، والعمدة على قولها لا على قوله، وقد تجادل امرأ في شأن فينكر عليك رأيك بلسانه وعيناه تعترفان به، وتدل العين على ما سيقوله اللسان من خير أو شر قبل أن يتكلم، وكم من عيون تسطو عليك بلا ذنب وتنظر إليها فتحسبها تدعو الشرطة للقبض عليك؟ تلك عيون وقاك الله من شرها.
وللعين دلالات يقصر عنها اللسان، فمنها العيون المريبة والواثقة والخائفة والجريئة، ومنها النافذة الكلمة والضعيفة الحجة، ومنها الوديعة والمتكبرة والمتمدنة والمتوحشة. والعينان تدلان على منزلة صاحبهما في طبقات الهيئة الاجتماعية ولو حاول اللباس إخفاءها ...
ناهيك بما قد تتقلب فيه باختلاف ما يطرأ عليها من العواطف، فهي تحمر من الغضب، وتبرق من الانعطاف، وتذبل من العشق، والعرب كثيرو التغزل بالعيون الذابلة، وهم يصفونها بالانكسار والفتور والسقام والكسل والمرض، قال ابن معتوق:
يا حامل السيف الصحيح إذا رنت
إياك ضربة جفنها المتكسر
وقال عنترة:
لها من تحت برقعها عيون
Página desconocida