Ciencia de la Ética Psicológica: Principios de Filosofía Literaria
علم أدب النفس: أوليات الفلسفة الأدبية
Géneros
ففي رأس عوامل الحكم عامل الإرادة الصالحة؛ فهي تعين الحكم الصالح، والفعل الصادر منها يعد صالحا ولو كانت النتيجة خطأ كما علمت. وإنما لكي تكون الإرادة صالحة يجب أن تكون مقرونة بالحكمة التعقلية السامية؛ فكل إرادة صالحة على هذا النحو تفضي إلى نتيجة صالحة، ولا نتيجة صالحة تنتج عن إرادة رديئة، وإن نتجت عنها النتيجة الصالحة فلا تنسب إلى الإرادة السيئة، بل إلى ظرف عارض حول الفعل إلى نتيجة حسنة رغم الإرادة.
لذلك لا يمكن أن نقول: إن زيدا أصاب، أو هو على حق، أو أحسن الفعل، إذا كانت إرادته رديئة، ولو أدى عمله إلى فعل حسن. فإذا رمى الصياد طعما للسمكة بسنارة، فأكلت السمكة الطعم ولم تعلق في السنارة؛ ففعله سيئ للسمكة؛ لأنه كان ينوي صيدها لا إطعامها، وإذا أقرض زيد عمرا مالا بربى فاحش، فانتفع عمرو بالمال نفعا عظيما ثم رد المال لزيد؛ فلا يعد عمل زيد صالحا وإن كان قد نفع عمرا؛ لأن نيته كانت سيئة، وهي انتهاز فرصة حاجة عمرو للمال لابتزاز ربى فاحش منه. (2-3) الحكم على الفاعل يتوقف على حكم الإرادة الصالحة
على أن المقاصد تختلف، والنيات تختلف من حيث الغاية والداعي إليها، فقد تكون صالحة قليلا أو كثيرا، حسب صلاحية الإرادة وصلاحية الحكمة المتضمنة فيها؛ فقد ينوي زيد أن يساعد عمرا في مشروع، فيشترك معه فيه بغية إنجاحه، ولكن عمرا طائش وجاهل فلم يحسن القيام بالمشروع. فزيد حسن النية، ولكنه قليل الحكمة، فلم يفطن لقلة أهلية عمرو للمشروع، فتعقله غير صالح. وإليك مثلا أبسط: أحسن زيد على فقير بشلن، ولكن الفقير أنفق الشلن على الخمرة فسكر وعربد. فإرادة زيد لم تكن صالحة؛ لأنه كان يعرف أن هذا الفقير سكير، فكان يجب أن يعطيه رغيفا لا شلنا.
إذن يتناول الحكم على الفعل الحكم على الفاعل أيضا بقدر ما للفاعل من الإرادة الصالحة، والتعقل الحسن. والحكم على الشخصيات يتوقف على ما لها من الإرادات الصالحة المقرونة بالحكمة والمواهب التي تحسن الحكم. (2-4) لا حكم على محركات الفعل الغريزية
إذا كان الحكم يتناول الداعي للفعل أيضا، كما علمت، فهل يجوز الحكم على محركات الفعل الغريزية وأشباهها؟ هب أن زيدا فوجئ بأفعى ظهرت بين رجليه فخاف فهرب، فهل نقول: إنه كان يجب عليه أن يقتلها لا أن يخاف وإلا فهو جبان؟ نعم، جبن في تلك اللحظة، ولكن الجبن ليس خلقة فيه؛ فلا نحكم عليه بالجبن؛ لأن هربه لم يكن بإرادته، بل بانفعاله. لو رآها من بعيد لانبرى تعقله وقرر مهاجمتها وقتلها. وهنا يريد فيفعل؛ فالحكم عليه بأنه جبان أو شجاع يجوز حين يكون له وقت للتفكير والإرادة، ولكنه لا يجوز في حالة المفاجأة؛ لأن الهرب كان بلا إرادة، بل بفعل المحرك وحده، وهو الانفعال النفساني؛ أي الخوف.
إذن لا يصح الحكم بالخطأ أو الصواب على المحرك ما لم تنبر الإرادة لتسيير الفعل؛ ولهذا يعذر الغضوب إذا ضرب، والسكران إذا تمادى في الشرب وعربد؛ لأنه أصبح بلا إرادة، وإنما يلام هذا لأنه ابتدأ بالشرب، وذاك لأنه تسرع.
نحكم على الشخص إذا كان يستسلم لغرائزه وعواطفه وانفعالاته ونقول: إنه ضعيف الإرادة، عاجز عن ضبط هواه؛ فالحكم ليس على عمله، بل على شخصيته؛ لأنها غير حسنة، غير صالحة. •••
في كل ما تقدم تكلمنا عن طبيعة الحكم المجرد من غير نظر إلى الحاكم وكيفية الحكم والقواعد التي يستند إليها، فمن هو الحاكم أو الفيصل أو القاضي؟ الضمير. وفيما يلي تبسط كاف فيه.
الفصل الثالث
الضمير
Página desconocida