Ailal del Nahw
علل النحو
Investigador
محمود جاسم محمد الدرويش
Editorial
مكتبة الرشد
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩م
Ubicación del editor
الرياض / السعودية
Géneros
Gramática y morfología
لفظ الْمَاضِي لَيْسَ فِيهِ زَائِد، وَلَفظ الْمُضَارع يتَضَمَّن لفظ الْمَاضِي وَزِيَادَة حرف، فَكَانَ اسْتِعْمَال لفظ الأَصْل أولى من اسْتِعْمَال لفظ الْفَرْع.
وَيحْتَمل وَجها رَابِعا، وَهُوَ: أَن هَذَا الْفِعْل لما خُولِفَ بِهِ عَن طَرِيق أخواته من الْأَفْعَال، جعل لَفظه مُخَالفا لحكم مَا يَنْفِيه، ليدل بِهِ الْخلاف فِي الأَصْل على أَنه قد ألزم وَجها وَاحِدًا، وَلَو استعملوا من (لَيْسَ) الْمُضَارع لم يكن فِي الْمُسْتَقْبل على خُرُوجه من الأَصْل، وَجَاز أَن يشك فِي اسْتِعْمَال لفظ الْمَاضِي فَعدل بِهِ إِلَى جِهَة ترفع الشَّك من هُنَا.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم لَزِمت بعض هَذِه الْأَفْعَال (مَا) نَحْو: مَا زَالَ، وَمَا انْفَكَّ، وَمَا برح، وَمَا فتئ، وَمَا دَامَ، وَهل ل (مَا) فِيهَا حكم وَاحِد؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن (مَا) فِي (دَامَ) وَحدهَا مُخَالفَة ل (مَا) فِي بَاقِي الْأَفْعَال، وَذَلِكَ أَن (مَا) فِي (مازال) نفي من سَائِر الْأَفْعَال للنَّفْي، وَهِي فِي (مَا دَامَ) لغير النَّفْي، وَأَن (مَا) مَعَ ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمصدر النَّائِب عَن الْفِعْل، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنه لَا يَصح الِابْتِدَاء بهَا، وَإِنَّمَا تسْتَعْمل مُتَعَلقَة بِفعل، كَقَوْلِك: إِنِّي أنتظرك مَا دمت قَائِما، وَالْمعْنَى: وَقت دوَام قيامك، فموضوع الْوَقْت نصب بانتظارك، فَلَمَّا حذفت الْوَقْت صَار مَوضِع (مَا دَامَ) نصبا، لقِيَامه مقَام الْوَقْت، كَمَا تَقول: أنتظرك خفوق النَّجْم، وَلَو كَانَت فِي (مَا دَامَ) للنَّفْي لوَجَبَ أَن يبتدأ بهَا، كَمَا يبتدأ بأخواتها من الْأَفْعَال الَّتِي مَعهَا، كَقَوْلِك: مَا زَالَ زيد قَائِما، وَمَا انْفَكَّ عَمْرو ذَاهِبًا، فَبَان بذلك اخْتِلَاف حكم مَا ذَكرْنَاهُ. وَإِنَّمَا لَزِمت هَذِه الْأَفْعَال (مَا) سوى (دَامَ) لِأَن فِيهَا معنى النَّفْي، وَذَلِكَ أَن قَول الْقَائِل: زَالَ زيد وبرح، أَي: انْتَفَى من هَذِه الْمَوَاضِع، وفتئ بِمَنْزِلَة زَالَ فِي الْمَعْنى، وانفك
1 / 247