وجهها أو يكذب عليه فيها، وهذا لا يجوز لان ذلك مناقضة للغرض يتعالى الله عن ذلك.
وقد أجمعت الأمة على هذا القسم، وأنه لا يجوز على النبي صلى الله عليه وآله الكذب فيما يؤديه عن الله تعالى، فيمكن الاعتماد عليه أيضا.
وإذا ثبت كونه صادقا، دل على أن أوامره أوامر محسن، ونواهيه عن قبيح، لأنهما في المعنى بمعنى الخبر، فلو لم يكونا كذلك لكانا كذبين، وقد بينا خلاف ذلك.
وأما الكذب في غير ما يؤديه عن الله تعالى، فلا يجوز عليه لأنه يقتضي التنفير عن قبول قوله، وذلك لا يجوز.
وإنما قلنا: إنه لا يجوز أن يكتم عنا ما أمر بأدائه إلينا، لأنه لو جاز ذلك لأدى إلى أن لا يكون لنا طريق يعرف به مصالحنا، فلا يجوز من الحكيم تعالى أن يبعث رسولا غرضه أن يعرفنا مصالحنا، وهو يعلم أنه لا يؤدينا.
ولا يمكن أن يقال: أنه يجوز عليه الكتمان إلا أنه يبعث نبيا آخر فيؤدي به.
لان الكلام في ذلك النبي كالكلام فيه في أنه يجوز عليه أن يكتم عنا ولا يبين ما يجب بيانه، وفي ذلك ما قلناه.
ولا يلزم على ذلك وجوب البيان قبل الحاجة، لان قبل الحاجة ليس يجب عليه تعريفنا في ذلك الحال.
فلو قيل: لو خوف بالقتل عند الحاجة إلى الفعل كان يجوز أن لا يؤدي أم لا؟
قيل له: إذا دفع إلى ما قدر في السؤال لم يخل حاله من أمرين:
أحدهما: أن يكون الذي يجب أن يبينه وهو صفة ذلك الشئ فقط، وما عدا ذلك قد بينه.
[الثاني] (1): أو لم يجب بيانه عليه على وجه، فإن كان كذلك وجب عليه بيانه وإن قتل دونه. ولا يجوز أن يكتم لان في كتمانه ما قدمنا ذكره.
ولا يلزم على ذلك وجوب إظهار الايمان على المكره على الكفر، لان ذلك لا
Página 46