54

Lágrimas

العبرات

Editorial

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Regiones
Egipto
دِينه إِلَّا فِي غَار كَهَذَا اَلْغَار اَلَّذِي أَعِيش فِيهِ:
لَيْتَ اَلْمُسْلِمِينَ عَاشُوا دَهْرهمْ فَوْضَى لَا نِظَام لَهُمْ وَلَا مَلِك وَلَا سُلْطَان كَمَا يَعِيش اَلْمُشَرَّدُونَ فِي آفَاق اَلْبِلَاد فَقَدْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَنْ يَتَوَلَّى أَمْرهمْ رِجَال مَثَلكُمْ طَامِعُونَ مُسْتَبِدُّونَ يَلُفُّونَ عَلَى أَعْنَاقهمْ جَمِيعًا غِلًّا وَاحِدًا يَسُوقُونَهُمْ بِهِ إِلَى مَوَارِد اَلتَّلَف وَالْهَلَاك مِنْ حَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُونَ ذَوْدًا عَنْ أَنْفُسهمْ وَمَا تَفْعَل اَلْفَوْضَى وَبِأُمَّة مَا يَفْعَل بِهَا اَلِاسْتِبْدَاد.
يَسْأَلكُمْ اَللَّه يَا بَنِي اَلْأَحْمَر عَنِّي وَعَنْ أَوْلَادِي اَلَّذِينَ اِنْتَزَعْتُمُوهُمْ مِنْ يَدِي اِنْتِزَاعًا أَحْوَج مَا كُنْت إِلَيْهِمْ وسقتوهم إِلَى مَيَادِين اَلْقِتَال لِيُقَاتِلُوا إِخْوَانهمْ اَلْمُسْلِمِينَ قِتَالًا لَا شَرَف فِيهِ وَلَا فَخَار حَتَّى مَاتُوا جَمِيعًا مَوْت اَلْأَذِلَّاء اَلْأَدْنِيَاء فَلَا أَنْتُمْ تَرَكْتُمُوهُمْ بِجَانِبِي آنَس بِهِمْ فِي وَحْشَتِي وَأَلْجَأ إِلَى مَعُونَتهمْ فِي شَيْخُوخَتِي وَلَا أَنْتُمْ ذَهَبْتُمْ بِهِمْ إِلَى مَيْدَان قِتَال شَرِيف فأتعزى عَنْهُمْ مِنْ بَعْدهمْ بِأَنَّهُمْ مَاتُوا فِدَاء دِينهمْ وَوَطَنهمْ.
فَهَا أنذا عائش مِنْ بَعْدهمْ وَحْدِي فِي هَذَا اَلْغَار اَلْمُوحِش فَوْق هَذِهِ اَلصَّخْرَة اَلْمُنْقَطِعَة أَبْكِي عَلَيْهِمْ وَأَسْأَل اَللَّه أَنْ يُلْحِقنِي بِهِمْ فَمَتَى يَسْتَجِيب اَللَّه دُعَائِي؟ ثُمَّ أَخْتَنِق صَوْته بِالْبُكَاءِ فَأَدَارَ وَجْهه وَمَشَى بِقَدَم مُطَمْئِنَة يَتَوَكَّأ عَلَى عَصَاهُ حَتَّى دَخَلَ مَغَارَته وَغَاب عَنْ اَلْعُيُوب فَنَالَتْ كَلِمَاته مِنْ نَفْس اَلْأَمِير مَا لَمْ يَنَلْ مِنْهَا ضَيَاع مَلِكه وَسُقُوط عَرْشه فَصَاحَ مَا هَذَا بَشَرًا إِنَّمَا صَوْت اَلْعَدْل اَلْإِلَهِيّ يُنْذِرنِي بِشَقَاء اَلْمُسْتَقْبَل فَوْق شَقَاء اَلْمَاضِي فَلْيَصْنَعْ اَللَّه بِي مَا يَشَاء فَعَدَّلَ مِنْهُ كُلّ مَا صَنَعَ.

1 / 58