50

Lágrimas

العبرات

Editorial

دار الهدى الوطنية للطباعة والنشر والتوزيع

Ubicación del editor

بيروت - لبنان

Regiones
Egipto
وَحُزْنًا.
ثُمَّ بَدَأَ يَنْزِع نَزْعًا شَدِيدًا وَيَئِنّ أَنِينًا مُؤْلِمًا فَلَمْ تَبْقَ عَيْن مِنْ اَلْعُيُون اَلْمُحِيطَة بِهِ إِلَّا ارفضت عَنْ كُلّ مَا تَسْتَطِيع أَنْ تَجُود بِهِ مِنْ مَدَامِعهَا.
فَإِنَّا لِجُلُوس حَوْله وَفْد بَدَأَ اَلْمَوْت يُسْبِل أَسْتَاره اَلسَّوْدَاء عَلَى سَرِيره وَإِذَا اِمْرَأَة مؤتزرة بِإِزَار أَسْوَد قَدْ دَخَلَتْ اَلْحُجْرَة وَتَقَدَّمَتْ نَحْوه بِبُطْء حَتَّى رَكَعَتْ بِجَانِبِهِ ثُمَّ أَكْبِت عَلَى يَده اَلْمَوْضُوعَة فَوْق صَدْره فَقَبِلَتْهَا وَأَخَذَتْ تَقُول لَهُ:
لَا تُخْرِج مِنْ اَلدُّنْيَا وَأَنْتِ مُرْتَاب فِي وَلَدك فَإِنَّ أُمّه تَعْتَرِف بَيْن يَدَيْك وَأَنْتَ ذَاهِب إِلَى رَبّك أَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدْ دَنَتْ مِنْ اَلْجَرِيمَة وَلَكِنَّهَا لَمْ تَرْتَكِبهَا فَاعْفُ عَنِّي يَا وَالِد وَلَدِي وَاسْأَلْ اَللَّه عِنْدَمَا تَقِف بَيْن يَدَيْهِ أَنْ يُلْحِقنِي بِك فَلَا خَيْر لِي فِي اَلْحَيَاة مِنْ بَعْدك.
ثُمَّ اِنْفَجَرَتْ بَاكِيَة فَفَتَحَ عَيْنَيْهِ وَأُلْقِي عَلَى وَجْههَا نَظْرَة بَاسِمَة كَانَتْ هِيَ آخِر عَهْده بِالْحَيَاةِ وَقَضَى.
اَلْآن عُدْت مِنْ اَلْمَقْبَرَة بَعْد مَا دَفَنَتْ صَدِيقِي بِيَدِي وَأَوْدَعَتْ حُفْرَة اَلْقُرْب ذَلِكَ اَلشَّبَاب اَلنَّاضِر والروض اَلزَّاهِر وَجَلَسَتْ لِكِتَابَة هَذِهِ اَلسُّطُور وَأَنَا لَا أَكَاد أَمَلك مَدَامِعِي وَزَفَرَاتِي فَلَا يُهَوِّن وَجَدِّي عَلَيْهِ إِلَّا أَنَّ اَلْأُمَّة كَانَتْ عَلَى بَاب خَطِر عَظِيم مِنْ اخطارها فَتُقَدِّم هُوَ أَمَامهَا إِلَى ذَلِكَ اَلْخَطَر وَحْده فَاقْتَحَمَهُ فَمَاتَ شَهِيدًا فَنَجَتْ بِهَلَاكِهِ.

1 / 54