49
فيندفع مقحما نفسه في مسائل علمية ليست لديه أي دراية حقيقية بها، لا لشيء إلا ليحجب تلك المسائل بخطابة لا هدف منها، ويشتت انتباه المستمعين إليه عن النقطة الرئيسية محل الخلاف بانحرافات فصيحة عن الموضوع ، ومحاولات إقناع الناس باستجداء التحيز الديني ببراعة.»
يتبع الخطاب المقتبس أعلاه على النحو التالي: «كانت الإثارة آنذاك في ذروتها؛ إذ تعرضت سيدة للإغماء، ووجب حملها إلى الخارج، ثم استؤنف النقاش بعد وقت قليل. تعالت بعض الأصوات منادية هوكر، وبعدما مرر اسمه إلى منصة الرئيس، دعاه الرئيس إلى الإدلاء برأيه في النظرية من الناحية المتعلقة بعلم النبات. وقد فعل ذلك موضحا أن الأسقف، بناء على ما ذكره أمام الحاضرين بلسانه، لم يفهم مبادئ كتاب «أصل الأنواع»
50
على الإطلاق، وأنه كان جاهلا تماما بعناصر علم النبات. لم يرد الأسقف، وانفض الاجتماع.
شهد مساء ذلك اليوم جلسة نقاشية أدبية مزدحمة في غرف أستاذ علم النباتات المضياف الودود، الدكتور دوبيني؛ حيث كان الموضوع الوحيد تقريبا هو المعركة المثارة حول كتاب «أصل الأنواع»، وقد بهرت جدا بالطريقة المنصفة غير المتحيزة التي ناقش بها أساتذة أكسفورد ذوو المعاطف السوداء ورابطات العنق البيضاء المسألة، والصراحة التي قدموا بها تهنئتهم للمنتصرين في المعركة.»]
من تشارلز داروين إلى جيه دي هوكر
سودبروك بارك، مساء الإثنين [2 يوليو 1860]
عزيزي هوكر
تلقيت خطابك للتو. عندما وصل خطابك، لم أكن بخير بسبب إصابتي بصداع شديد شبه مستمر طوال ثمان وأربعين ساعة، وانخفاض معنوياتي، وتفكيري في أنني عبء عديم الجدوى على نفسي وعلى الآخرين، لكن خطابك أبهجني جدا؛ فلطفك ومحبتك جعلا عيني تغرورقان بالدموع. ما أهون الشهرة والشرف والسرور والثروة؛ فكلها أشياء وضيعة لا قيمة لها إذا ما قورنت بالمحبة، وهذا مبدأ أعرف، من خطابك، أنك ستتفق معه من صميم قلبك ... كم كنت سأتمنى أن أتجول معك في أنحاء أكسفورد، لو كنت بصحة جيدة، وكم كنت سأتمنى بشدة أكبر بكثير أن أسمعك تنتصر على الأسقف! أنا مذهول من نجاحك وجرأتك. لا أستطيع أن أفهم قدرة الأشخاص على الجدال أمام جمهور كالخطباء المفوهين. لم أكن أعرف أن لديك هذه القدرة. قرأت في الآونة الأخيرة كما هائلا من الآراء المعادية إلى حد أنني بدأت أظن أنني ربما كنت مخطئا تماما، وأن ... كان محقا عندما قال إن الموضوع برمته سيصبح طي النسيان في غضون عشر سنوات، لكنني وقد عرفت الآن أنك أنت وهكسلي ستقاتلان علانية (وهو شيء أنا متيقن من أنني لن أستطيع فعله أبدا) صرت مؤمنا تماما بأن قضيتنا ستنتصر على المدى البعيد. يسرني أنني لم أكن في أكسفورد؛ لأنني كنت سأهزم هزيمة نكراء، في ظل حالتي [الصحية] الحالية.
Página desconocida