Charles Darwin: Su vida y cartas (Parte Uno): Con un capítulo autobiográfico por Charles Darwin
تشارلز داروين: حياته وخطاباته (الجزء الأول): مع فصل سيرة ذاتية بقلم تشارلز داروين
Géneros
بالرغم من ذلك، فقد كان لبعض هذه الغيابات عن المنزل تأثير مثبط عليه؛ إذ يبدو أن غياب هذا الإجهاد المعتاد الذي كان يتعرض له قبلها إن أنهكه العمل في المنزل أكثر من اللازم، كان يجعله يغرق في حالة غريبة من المرض الشديد .
وإلى جانب العطلات التي ذكرتها، كانت هناك زياراته إلى مصحات العلاج المائي؛ فحين مرض بشدة في عام 1849 وأصبح يعاني من اعتلال مستمر، حثه صديق له على أن يجرب العلاج المائي، وقد وافق أخيرا على أن يذهب إلى مصحة الدكتور جالي في مولفرن. وتوضح خطاباته إلى السيد فوكس ما كان للعلاج من تأثير جيد عليه، ويبدو أنه قد ظن أنه وجد علاجا لمتاعبه، لكنه كجميع العلاجات، لم يكن له سوى تأثير مؤقت عليه. بالرغم من ذلك، فقد كان في البداية يجد أن تأثيره جيد للغاية، حتى إنه حين عاد إلى المنزل بنى لنفسه منضحة وتعلم رئيس الخدم كيف يحممه.
قام بالعديد من الزيارات إلى مصحة مور بارك للعلاج المائي لصاحبها الدكتور لين، والتي توجد في سري بالقرب من ألدرشوت. وقد كانت هذه الزيارات ممتعة، ودائما ما كان يتذكرها بسرور. وفي الثاني والعشرين من أكتوبر من عام 1882، في محاضرة للدكتور ريتشاردسون تتحدث عن أبي، قرأ خطابا أرسله إليه الدكتور لين يتحدث فيه عن ذكرى والدي، والذي منه أقتبس ما يلي:
في المؤسسات العامة كمؤسستي، كان يحاط بالطبع بالعديد من الشخصيات المختلفة من الجنسين، وغالبا ما كانوا يختلفون عنه اختلافا كبيرا؛ باختصار كانوا من عامة الناس، مثلما تكون الأغلبية في كل مكان، لكنهم كانوا بالنسبة له على الأقل، رفاقه في الإنسانية وفي المرض. ولم يكن هناك من هو أكثر لطفا وتفهما وودا وجاذبية منه بنحو عام ... إنه لم يسع أبدا، كما هو الحال غالبا مع المتحدثين الجيدين، إلى احتكار الحديث، بل كان يجد متعة أكبر في العطاء والأخذ، وقد كان مستمعا جيدا بقدر ما كان متحدثا جيدا. ولم يقم على الإطلاق بإلقاء العظات أو الخطب، وإنما كان حديثه، سواء أكان في الجد أو المرح (وقد كان كل يأتي في دوره)، حيويا وموحيا ومشرقا ومثيرا.
يمكننا رسم صورة عن علاقته بأسرته وأصدقائه مما سبق ذكره، ومن المحال أن نحاول رسم صورة كاملة عن هذه العلاقات، لكننا يمكننا أن نكتب عنها بتفصيل أكثر قليلا. بالنسبة إلى حياته الزوجية، فلا أستطيع أن أتحدث عنها إلا بأقل القليل. لقد كانت علاقته مع أمي تظهر طبيعته الرقيقة والودية في أجمل صورها. لقد كان يجد سعادته في حضورها، ومن خلالها وجد الرضا والسرور الهادئ في حياته، التي كان من الممكن أن تظللها الكآبة لولا وجودها.
يوضح كتاب «التعبير عن الانفعالات في الإنسان والحيوان» كيف أنه كان يراقب أطفاله عن قرب. وقد كان من سماته المميزة (كما سمعته يتحدث بذلك)، أنه بالرغم من تلهفه على أن يلاحظ تعبير البكاء لدى أحد الأطفال ملاحظة دقيقة، فإن تعاطفه مع الحزن الذي يشعر به الطفل، كان يفسد عليه ملاحظته. ويتضح لنا من دفتره الذي كان يسجل فيه العبارات التي كان يقولها أطفاله، ما كان يستمده منهم من سرور. ويبدو أنه كان يحتفظ بذكرى مفعمة بالأسى عن أيام طفولتهم التي خبت؛ لذا فقد كتب في عمله «ذكريات»: «حين كنتم صغارا للغاية، كنت أستمتع باللعب معكم جميعا، وأعتقد والحسرة تعتصرني أن مثل هذه الأيام لن تعود ثانية.»
وكي أوضح رقة طبيعته، يمكنني أن أقتبس من دفتره بعض الجمل التي كتبها عن ابنته الصغيرة آني بعد موتها بأيام قليلة:
طفلتنا المسكينة، آني، ولدت في شارع جاور في الثاني من مارس 1841، وتوفيت في مولفرن في منتصف نهار الثالث والعشرين من أبريل عام 1851.
إنني أكتب هذه الصفحات القليلة، إذ أعتقد أننا في السنوات اللاحقة إذا عشنا فستساعدنا هذه الانطباعات التي أدونها هنا على تذكر سماتها الأساسية بوضوح أكبر. إنني حين أتأملها من أي جانب، فإن السمة الأساسية التي تنبثق في ذهني على الفور، هي مرحها المبهج الذي يمتزج بسمتين أخريين هما حساسيتها التي قد يغفل عنها بسهولة الغرباء، وعاطفتها القوية. كان مرحها وحيويتها يشعان من كامل سيمائها، وكانا يجعلان كل حركة لها مليئة بالمرونة ومفعمة بالحياة والنشاط. لقد كانت مشاهدتها أمرا ممتعا ومبهجا، وها هو وجهها الغالي ينبثق الآن أمامي؛ إذ كانت في بعض الأحيان تهبط على السلم جريا، وهي تحمل لي جرعة من النشوق قد اختلستها لأجلي ، وجميع تكوينها يشع بهجة من كونها تمنح الآخرين البهجة. وحتى حين كانت تلعب مع أبناء عمومتها وتنهمك في اللعب والمرح إلى حد الصخب، كانت نظرة واحدة من عيني، لا نظرة سخط بالطبع (إذ أحمد الله أنها لم تر مني هذه النظرة أبدا)، وإنما نظرة تستدعي تعاطفها، كانت كفيلة بتغيير جميع قسماتها لبضع دقائق.
وأما السمة الأخرى في شخصيتها والتي جعلت من مرحها وحيويتها سببا للبهجة، فهي عاطفتها القوية، والتي كانت تتجلى في طبيعتها شديدة التعلق والمحبة للملاطفة. وقد اتضح ذلك منذ أن كانت طفلة رضيعة؛ إذ لم تكن لتهدأ قط دون أن تلمس والدتها حين كانت ترقد معها في السرير، ثم أصبحت مؤخرا، حين تمرض، تظل ممسكة بإحدى ذراعي أمها تداعبها مهما طال الوقت. وحين كان يشتد بها المرض، فإن استلقاء والدتها بجوارها في السرير يبدو أنه كان يهدئها بطريقة مختلفة إلى حد كبير عما كان ليهدئ أيا من أطفالنا الآخرين. وكذلك كان الأمر معي، إذ كانت تقضي في أي وقت من الأوقات ما يزيد عن نصف ساعة في ترتيب شعر رأسي، وذلك كي «تجعله جميلا»، كما اعتادت أن تقول، أو تسوية ياقتي أو أكمامي؛ أي، أنها باختصار كانت تقضي هذا الوقت في ملامستي ومداعبتي.
Página desconocida