Solo de concierto: estudios y artículos
عزف منفرد: دراسات ومقالات
Géneros
قلت: اسمح لي؛ أنا لم أدرس نظرية الكم أو النسبية دراسة أكاديمية، ولكني على الأقل أعرف أن نظرية الكم تؤكد أن مكونات الذرة، وعلى رأسها الإلكترون، تدور في مسارات «حتمية» لا تتغير إلا بفعل قوى «حتمية» من خارج الذرة، أو حتى لو افترضنا من داخلها، فأي دخل للصدفة هنا؟!
قال: إذا كانت تزعجك كلمة الصدفة، فسمها الاحتمالات.
قلت: أعتقد أننا لم نتفق حول هذه النقطة، فأنت تفكر كعالم رياضي فيلسوف، يعجبك سبينوزا و«كانت» والفلاسفة الرياضيون، أنا أفكر بمنطق آخر تماما، منطق بيولوجي حيوي، أبسطه أن أقول لك إن وجود موهبة مثل موهبة دورنمات يكسر حتما قانون الاحتمالات أو الصدفة، إذن هو يخضع بالضرورة لعوامل، أو لقوانين أعمق بكثير من قوانين الاحتمالات، قوانين حين تكتشفها البشرية ستنظر إلى قانون الصدفة وقانون الاحتمالات كما ننظر نحن الآن إلى جدول الضرب بالمقارنة إلى إمكانيات الحاسب الإلكتروني غير المعقولة، فلندع هذا الموضوع جانبا إذن، فنحن على رمال شاطئ المحيط العلمي، مجرد رمال الشاطئ، وأمامنا الأبعد والأرحب والأعمق بكثير جدا مما عرفنا أو سنعرف.
قال: إذن، عم سوف نتحدث؟ عن التصوف مثلا؟
قلت: ولماذا لا نتحدث عن إسرائيل وزيارتك لها وكتابك عنها؟!
قال: فعلا، هذا موضوع أريد أن أتحدث فيه، إنك لم تقرأ كتابي عن إسرائيل، ولو كنت قد قرأته لعرفت أن أملي خاب تماما في إسرائيل بعد زيارتها، لقد تغيرت إسرائيل كثيرا، كنت أظن في مبدأ الأمر حين قامت إسرائيل أنها ستصبح دولة أذكياء قد حملوا معهم الحضارة الأوروبية وسيتولون نشرها في الشرق، ولم أكن أتصور أن يتحول هؤلاء القوم الذين عانوا من الاضطهاد إلى دولة كالمؤسسة العسكرية أو ما يمكن أن نسميه «إيران اليهودية»؛ دولة عسكرية تحتل وتبيد وتقتل! والخطأ القاتل الذي وقعت فيه إسرائيل كان نتيجة لانتصاراتها السهلة على بلاد عربية كانت خارجة لتوها من تحت وطأة الاستعمار، إن إسرائيل تقول: إنها دولة ديمقراطية ، ومن المعروف أن الديمقراطية هي التمثيل الصحيح لفئات الشعب، فهل الفلسطينيون المقيمون في إسرائيل ممثلون في الحكومة والكنيست الإسرائيلي بنفس النسبة (تقريبا 1 : 2)؟!
إنني أعتقد أن هناك مكانا للدولتين الإسرائيلية والفلسطينية، وكان يمكن للدولتين أن تقيما معا تجربة جديدة في بابها، دولة علمانية واحدة، فيها العرب وفيها اليهود.
قلت: أتعرف يا أستاذ درونمات أن هذا هو بالضبط المطلب الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي تسميها الحكومة الإسرائيلية منظمة إرهابية لا بد من إبادتها؟!
قال: هذا ناتج من خوف إسرائيل من المنظمة، إن الجانبين أصبحا الآن يخافان بعضهما إلى درجة استحالة قيام دولة واحدة تحتويهما.
قلت: ومن المسئول في رأيك عن هذا الخوف المتبادل؟
Página desconocida