Consuelo de la filosofía

Cadil Mustafa d. 1450 AH
228

Consuelo de la filosofía

عزاء الفلسفة

Géneros

4

من ذلك أيضا ما تجده في الفصل الثالث من «العزاء»، إذ يخلص بوئثيوس من عدد من الحجج، مستمدة من فروض أفلاطونية محدثة يسلم بها بوئثيوس، إلى أن الخير الكامل والسعادة الكاملة ليسا في الله فحسب بل «هما الله» نفسه، السعادة الكاملة إذن لا تتأثر بتقلبات الحظ الأرضية مهما اشتدت، ولكن ما فات هذه الحجة هو أن تقول لنا ما صلة الإنسان الفرد، مثل «بوئثيوس»، بالسعادة الكاملة التي هي الله، إن «الفلسفة» هنا تتحدث إلى «بوئثيوس» كما لو كان مجرد «معرفته» بأن الله هو السعادة الكاملة سوف ترده سعيدا!

وحين تعرض «الفلسفة» في نهاية الكتاب للمشكلة الكبرى «حرية الإرادة وشمول العلم الإلهي» تنجح في البداية في إقناعنا بالفرق بين «سبق العلم»

prescience

و«سبق التحديد» أو القدر المحتوم

predetermination ، وبأن سبق العلم لا يمس حرية الإرادة ولا يتقاطع معها، ثم ينتهي إلى أن المعرفة الإلهية هي التي أنشأت أسلوب الوجود لكل الأشياء، ولا تدين لأي شيء عدا ذاتها، ها هنا بالتحديد تظن «الفلسفة» أنها نجحت في حل مشكلات «بوئثيوس»، بينما يترك القارئ وهو يسائل نفسه عما إذا كان هذا الاعتراف الأخير، الذي يجعل من الله محددا لكل الأحداث، لا يهدم كل ما بنته «الفلسفة» ولا يقوض تلك المرافعة الطويلة لإثبات حرية الإرادة!

5

تأويل «العزاء»

أفضل طريقة لفهم «العزاء» هي أن نأخذه بمعناه الظاهر، باعتباره نتاج شخص يكتب وهو مشرف على الموت ولا يملك ترف التلاعب والتورية؛ ف «الفلسفة» هنا تمثل سلطة عقلية حقيقية، ونجاحها في مواساة «بوئثيوس» يفترض أنه نجاح تام. أما التغيرات الظاهرية في الاتجاه فينبغي أن تعد مراحل في إعادة تعليم السجين، أو تأثيرات غير مقصودة لرغبة المؤلف في جعل هذا العمل خلاصة لمنظومة فلسفية توفيقية. وأما اقتناع «الفلسفة» بأنها نجحت في حل مشكلة «سبق العلم» فينبغي أن نأخذه على أنه رأي المؤلف نفسه.

غير أن هناك من ذهب في فهم «العزاء» مذهبا آخر، فمن النقاد من حيره خلو «العزاء» من أي أثر مسيحي وارتكانه إلى توجيه شخصية تمثل الفلسفة الوثنية وارتكازه على افتراضات خارجة عن العقيدة المسيحية (التذكر، روح العالم، ديمومة العالم ... إلخ) ثم حيره اختيار بوئثيوس لهذا الجنس الكتابي (

Página desconocida