Seneca
أصبح «فن العزاء» نوعا من الدواء الأخلاقي، وما هو إلا أن تفتح الدرج الموكل بمرض معين حتى تجد بين يديك العلاجات الأنسب لشفاء هذا المرض، لعل هذا هو مصدر تلك الاستعارات الطبية التي تستخدمها «الفلسفة» في هذا النص، و«التشخيص»
diagnosis
الذي تضعه، في الكتاب الأول، لل «الداء» الذي ألم بمريضها، و«فحص»
examination
الحظ، واستخدام أمثلة تاريخية للعبرة، وفلسفة العزاء التوفيقية الرائجة التي تتبطن شطرا كبيرا من الكتاب الثاني، والتي تتضمن الفقرة النثرية المأثورة التي تترسم خطى شيشرون في «حلم سكيبيو»
Dream of Scipio
وتكشف عبثية المجد والشهرة الأرضية المحلية.
2
غير أن «عزاء الفلسفة» يصهر ببراعة أكثر من جنس كتابي واحد، فهو حينا يكون مناجاة ذاتية (مونولوج) تقريبا، وحينا يكون حوارا (ديالوج) يحذو حذو محاورات أفلاطون، غير أن «العزاء» في مجمله قد صب في قالب صنف معين من الحوار، هو الحوار المقدس الذي يصور فيه المؤلف كيف تجلى له روح قدسي أو قوة علوية غير معروفة له في البداية، ثم لا تلبث أن تفصح عن نفسها وتبثه شيئا من الحكمة الخفية.
Página desconocida