مقدمة المؤلف
الحمد لله الذي يستدل على وجوب وجوده بديع ما له من الأفعال، المنزه١ في ذاته وصفاته عن النظائر والأمثال٢، أنشأ٣ الموجودات، فلا يعزب عن عمله مثقال، سبحانه من إله تنزه عن أن يدركه وهم، أو يحصره خيال، بل كل ما خطر بالبال فهو بخلاف ذي٤ الإكرام والجلال، أحمده سبحانه وأشكره٥، أنا هدانا لدينه الحق، وأزاح شبه الزيغ والضلال، وأتوب إليه وأستغفره من جميع الأخطاء والأخطال٦، وأساله لنا النجاة في يوم تزول منه الجبال.
_________
١ التنزيه: نفي النقص، وإثبات الكمال المطلق للخالق ﷿.
٢ النظير: المثل، وكل نظير مثل، وليس كل مثل نظير.
٣ أنشأ: الإنشاء هو الإيجاد من عدم، أما العدم فليس شيئًا، وقد رأيت من يدعي أنه شيء موجود في عماء، وفيه كافة الموجودات، فلما أراد الله خلق العالم وما فيه أخرجه من الظلام والعماء إلى النور، وهذا امتداد لمذهب وحدة الوجود، وعين مذهب الفلاسفة القائلين بقدم العالم، وكأنهم يشكون بقدرة الله على الإيجاد من لا شيء، مع تيقنهم وجود أنفسهم، فما استطاعوا التوفيق بينهما إلا بادعاء قدم العالم، وأن إيجاد الله لهم ما هو إلا أخراجهم من العماء إلى النور، وهذا أمر لا يخفى أنه كفر وزندقة، وممن يقول به أيضًا مصطفى محمود في: الوجود والعدم: صـ ٦١، وما بعدها.
٤ في الأصل: ذ، دون ياء، وهو قطعًا خطأ من الناسخ، وسيكرره قريبًا.
٥ في الأصل: أشره.
٦ الأخطال: جمع خطل، وهو الفحش، منه سمي الأخطل، لفحشه في الهجاء.
1 / 25