El regreso de la muerte negra: el asesino más peligroso de todos los tiempos
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Géneros
كما رأينا بالفعل، بعد مضي 18 شهرا أصبحت إنجلترا خالية من الطاعون تماما، إلى أن بدأ كل شيء في الحدوث من جديد لدى وصول حامل العدوى التالي على متن قارب. على الأرجح لم يكن انتقال المرض في اتجاه واحد بالكامل، فلعل الأطقم المصابة بالمرض حملت الطاعون بالمثل في طريق عودتها من إنجلترا إلى أوروبا القارية؛ ومن ثم ساعدت في استمراره هناك.
مرت على إنجلترا سنوات كثيرة في القرنين الرابع عشر والخامس عشر وهي خالية تماما من الطاعون أو لم يكن فيها سوى ميناء واحد مصاب. لكن بحلول منتصف القرن السادس عشر، ومع زيادة التجارة والسفر، كانت هناك أوبئة منتشرة انتشارا واسعا وأكثر وحشية تنطلق كل عام تقريبا من موانئ مختلفة.
بعد وصول الوباء إلى أحد الموانئ، كان ينتشر في أنحاء إنجلترا عن طريق مصابين مسافرين على أقدامهم أو على ظهر الجياد، أو على نحو أقل شيوعا، عن طريق النقل النهري أو الساحلي. وكان ينتقل إلى البلدات القريبة من خلال الانتقالات الداخلية ثم ينتشر على نحو متزايد عبر طرق التجارة الرئيسية. كان يحدث بعض من هذا الانتشار للطاعون عن طريق الحركة التجارية العادية. لكن سرعان ما بات معروفا، ولا سيما في لندن، أن أسلم ردود الأفعال لدى اكتشاف أحد الأوبئة هو الفرار، وهو خيار متاح فقط لموسري الحال وذوي النفوذ، أما الفقراء فلم يكن لديهم بديل سوى المعاناة، وقد كانوا يموتون بالمئات؛ لهذا السبب وصف الطاعون بأنه مرض الفقراء. وبات واضحا أنه من أجل السلامة من الضروري الابتعاد عن لندن مسيرة يوم، مسافة نحو 20 ميلا. وقطعا، حمل الفارون - ولا سيما أولئك الذين لم يغادروا إلا في اللحظات الأخيرة - العدوى معهم انطلاقا من المدينة نحو الخارج في اتجاهات شتى.
ساهمت تجارة الصوف في العصور الوسطى إسهاما كبيرا في التنقل عبر مسافات طويلة في إنجلترا . استمر شحن ونقل الأصواف على مدار السنة على نطاق واسع؛ ومن ثم كان هذا عاملا رئيسيا في نشر الطاعون. كان تجار الصوف والسلع الأخرى المستقلون رحالة وذوي وجهة فردانية في التفكير؛ فقد كان هؤلاء الرجال يسافرون بمفردهم في طلب الماشية والذرة والصوف، وكانوا على استعداد لإهمال عائلاتهم وبيوتهم سعيا وراء مكاسب فردية. كانوا يشترون ويبيعون في الحانات، وهناك كانوا يلتقون تجارا آخرين؛ مما أتاح طريقة مثلى لانتقال عدوى الطاعون بنجاح، وهي التحدث باستفاضة مع السكان المحليين في أجواء مغلقة.
عادة ما كانت تغسل الخراف ويجز صوفها في شهر يونيو، وكان الذي يفعل ذلك في الغالب عمال مأجورون يجولون في أنحاء البلاد، عندئذ يعبأ الصوف ويسلم إلى المشتري، سواء في الحال أو في وقت لاحق. وغالبا ما كان صناع الثياب يأتون ومعهم وسيلة نقل لأخذ الصوف من مربي الماشية، أحيانا على دفعات، مع أنه كان يتم الاستعانة بالحمالين أيضا، وكان صناع الثياب والموزعين إما أن يخزنوا الصوف وإما أن يبيعوه في الحال.
كان يباع كم هائل من الصوف في القرنين السادس عشر والسابع عشر من خلال الأسواق العامة التي كانت تقام خصيصا بصفة أسبوعية في البلدات المصنعة والمقاطعات التي تربي الأغنام لبيع أصوافها. باع التجار الكثير من بضاعتهم بشارع ليدن هول بلندن، الذي لم يكن مجرد سوق وإنما كان أيضا أكبر مستودع للصوف في إنجلترا. وهكذا لأن لندن كانت مركز التجارة، فإنها صارت بكل تأكيد مركز وفيات الطاعون في إنجلترا. (15) المعارض الضخمة
كانت المعارض الضخمة المقامة سنويا وسيلة رئيسية أخرى لنشر الطاعون في إنجلترا، كما كانت في الغالب أحد مصادر جلبه إلى البلاد في المقام الأول. أدركت السلطات هذا، وكانت المعارض تلغى دائما مع أول علامة على ظهور الطاعون. وكانت أهم المعارض تقام جنوب وشرق خط ممتد من مدينة إكزتر إلى مدينة يورك، وكانت تقام على الأنهار القابلة للملاحة أو الطرق المؤدية إلى الموانئ البحرية، أو بالقرب منها.
وصف البروفيسور جيه إف دي شروزبري الصورة بقوله:
كان المعرض الضخم المقام في ستربريدج [في إيست أنجليا]، الذي افتتح في الثامن عشر من سبتمبر، واستمر لثلاثة أسابيع أهم المعارض الإنجليزية، وكان ذائع الصيت بما يكفي لجذب التجار من الكثير من المراكز التجارية الأوروبية. يمكنك وأنت في معرض ستربريدج الهائل أن تجد الزجاج الذي تشتهر به مدينة البندقية، وكتان مدينة بروج، والحديد الإسباني، والقار النرويجي، وفرو الرابطة الهانزية، والقصدير الكورنوالي، والخمر الكريتي، كل هذا للبيع في البقعة البالغ مساحتها نصف ميل مربع المستخدمة على مدار ثلاثة أسابيع كاملة. وإبان معرض ستربريدج، كانت موانئ بليكني، وكولتشيستر، وكينجز لين، وربما نورتش تعج بالسفن الغريبة. كانت المراكب تجلب سلع بلاد الشام من البندقية وسلعا أخرى من بلاد ما وراء البحار.
كانت الموانئ، وبالأخص ميناء لندن، هي بؤرة التركيز، فكما هو الحال في بقية أوروبا، كانت التجارة هي محرك نشر الطاعون في أنحاء إنجلترا.
Página desconocida