El regreso de la muerte negra: el asesino más peligroso de todos los tiempos
عودة الموت الأسود: أخطر قاتل على مر العصور
Géneros
توضح روايته لنا حجم الكارثة المرعب:
عجزت المدافن عن أن تسع جثثا أكثر من ذلك، فتعين حفر الخنادق لدفن الموتى. كثيرا ما كان يلقى بعائلات بأكملها معا في نفس الحفرة. لم يختلف الحال عن المدن والقرى المجاورة. استدعى شخص يدعى أوبيرتو دي ساسو - الذي كان قد وفد من أحد الأماكن المصابة إلى كنيسة رهبنة الإخوة الأصاغر (الفرنسيسكان) ليحرر وصيته - كاتب عدل، وشهودا، وجيرانا. كل هؤلاء ومعهم ستون آخرون ماتوا في غضون فترة زمنية قصيرة.
كانت فلورنسا، التي تبعد 40 ميلا (60 كيلومترا) من بيزا، واحدة من أعظم المدن في أوروبا، ومركزا ديمقراطيا للثقافة والفنون والتعلم، ومن ضمن كنوزها أعمال دانتي وجوتو. لم تفلت فلورنسا؛ إذ ضربها الموت الأسود ضربة قاسية ، على الرغم من اتخاذ كل الاحتياطات الحكيمة والتوسلات إلى الله. كتب بوكاتشيو في كتابه «ديكاميرون» رواية مهمة عن فلورنسا إبان هذه الفترة:
عزل البعض نفسه تماما عن الناس وتجنب أشكال التواصل الاجتماعي كافة وجميع أنواع الترف، في حين احتسى البعض الآخر الخمر وغنى وعربد بحرية معتقدا أن هذه الطريقة في العيش هي العلاج القوي والفعال لمثل هذه الكارثة الهائلة.
تجنب المواطن أخاه المواطن، وقليلون هم من أبدوا أي مشاعر تعاطف مع غيرهم، وعزل الناس أنفسهم عن الآخرين؛ فلم يلتقوا أقاربهم قط، بل «الأدهى من ذلك، الذي يكاد لا يصدقه عقل، أن الآباء والأمهات هجروا أطفالهم تاركين إياهم بلا عناية ليواجهوا مصيرهم، كما لو كانوا غرباء.»
ما من امرأة مهما، كانت جميلة أو حسنة المنظر أو عريقة النسب، كانت تعزف عن تلبية كل ما يطلبه من يحاول علاجها لدى إصابتها بالمرض، ولا يهم إذا كان من يعالجها شابا أم كهلا، كما أنها لم تكن تتورع عن كشف كل جزء من جسدها له دون أن يعتريها الخجل، كما لو كانت تتعرى أمام امرأة؛ من شدة ما تعانيه من مرض.
كثيرون لقوا حتفهم أثناء النهار أو الليل في الشوارع العامة، أما رحيل الكثيرين الذين ماتوا في منازلهم فلم يكن الجيران يدرون به غالبا إلى أن تنتشر الرائحة النتنة للجثث المتعفنة، ونتيجة للجثث المنتشرة في كل الأرجاء صار المكان بأكمله بمنزلة قبر.
كان من عادة معظم الجيران، الذين كان يحركهم الخوف من التلوث الناجم عن الجثث المتعفنة أكثر من الإحسان إلى المتوفين، أن يجروا الجثث إلى خارج المنازل ويلقوها أمامها، ثم كانوا يحضرون النعوش أو الألواح الخشبية التي يسجى عليها الموتى، حين يكون هناك نقص في النعوش.
كان حاملو الجثث، أو ما يطلق عليهم عاملو المقابر، يؤدون خدماتهم بالأجرة، وكانوا يحملون النعوش بسرعة إلى المدافن. كانوا يحفرون خنادق هائلة «يلقون فيها الجثث بمجرد وصولهم، مئات الجثث في المرة الواحدة، مكدسين إياهم بنفس الطريقة التي تحفظ بها البضائع في مخازن السفن ، طبقة فوق الأخرى، وكل جثة مغطاة بقليل من التراب، إلى أن يصبح الخندق غير قادر على تحمل المزيد من الجثث.»
ولم يكن عاملو المقابر بأناس لطفاء، فعلى ما يبدو أنهم كانوا وحوشا مجردة من الإنسانية يقومون أيضا بدور أكثر شرا؛ مما ساعد في استفحال البؤس العام؛ إذ كانوا يقتحمون منازل الأشخاص الذين لا يزالون على قيد الأحياء ويجرونهم لينضموا إلى صفوف الموتى ما لم يدفع الرجال لهم أموالا من أجل سلامتهم وما لم تدفع النساء من عفتهن.
Página desconocida