Volver a Empezar
عود على بدء
Géneros
فابتسمت، وشكرتنى وقالت إنه طعامى وحدى.
فقلت: «كل هذا لى؟ أتعنين أنك تتوقعين أن أحشو معدتى وأكظها بكل هذا؟ إذن سأمرض بلا شك».
قالت: «كلام فارغ، إنك أكول مبطان، أو تحسب أنى لا أعرف ماذا تلتهم فى نهارك بين الوجبات من شكولاته، وفول سودانى، وحمص وغير ذلك؟ كل وأنت ساكت، ولا تتظاهر بهذه الزهادة، فلولا شفقتى عليك لأخبرت آمك».
قلت فى سرى: «ولى أم أيضا.. ترى كيف هى»؟ ثم للفتاة: «ولكن.. زبدة وجبن وبيض مقلو مع اللحم المتمر، وقشدة، وعسل، ولبن وشاى، وهذا. ما هذا؟ آه خبز مكسر على السمن. فماذا تظنينى بالله؟ غولا.. ألا تعرفين أن «الغازات» تسود عيشى؟ فكيف آكل هذا وآمن فورتها وسورتها»؟
ونسيت وأنا أقول هذا أن الذى ردنى طفلا، وكر بى راجعا كل هذا الزمن لابد أن يكون قد عنى بأن يضع لى مكان معدتى العتيقة، معدة جديدة شابة. فما يعقل أن يكون هذا قد فاته، وإلا صار ما صنعه بى تخليطا لا يستقيم معه الأمر.
وقالت الفتاة: ألا ليت أحدا يناديها باسمها فأعرفه فقد أحتاج إليه،ثم ليتها تدعونى باسمى لأعرف من أنا؟: «ما هذا الكلام الذى تقول؟ إنه أشبه بالهذيان. سم بالله وكل».
فأطعت. وهل كان لى معدى عن الصبر؟ وجعلت فى أول الأمر أتناول بحذر وتقية، وآكل على مهل وبحساب، وأمضغ مضغا طويلا مستأنئا فيه، ثم أحسست وأنا ألوك أن رغبتي تشتد، وشهوتى تقوى، فعكفت على الطعام عكوف المنهوم الرغيب الذى لا تنتهى نفسه ولا تمتلئ عينه، وما هى إلا لحظة حتى كنت قد قششت كل ما أمامى. ثم اضطجعت وربت على بطنى وحدثت نفسى أن أملى لم يخب فيمن صنع بي هذا، فليتنى أعرف حيلة أستبقى بها هذه المعدة لما بعد اليقظة.
وتذكرت قول ابن الرومى: «ذى معدة ثعلبها لاحس
وتارة أرنبها ضاغب
تعلوه حمى شره نافض
Página desconocida