Cawasim Min Qawasim
العواصم من القواصم في تحقيق مواقف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم
Editorial
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤١٩هـ
Ubicación del editor
المملكة العربية السعودية
قال ابن شهاب (١) " وأخبرني خارجةُ بن زيد بن ثابت أنه سمع زيد بن ثابت قال: " فقدتُ آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنتُ أسمع رسول الله ﷺ يقرأ بها، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة الأنصاري ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٢٣] فألحقناها في سورتها من المصحف ".
وأما ما روي أنه حرّقها أو خرّقها - بالحاء المهملة أو الخاء المعجمة، وكلاهما جائز - إذا كان في بقائها فساد، أو كان فيها ما ليس من القرآن، أو ما نسخ منه، أو على غير نظمه، فقد سلّم في ذلك الصحابة كلهم: إلا أنه روي عن ابن مسعود أنه خطب بالكوفة فقال: " أما بعد، فإن الله قال ﴿وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [آل عمران: ١٦١] وإني غالٌّ مصحفي، فمن استطاع منكم أن يغل مصحفه فليفعل ". وأراد ابن مسعود أن يؤخذ بمصحفه، وأن يثبت ما يعلم فيه. فلما لم يُفعل ذلك له قال ما قال، فأكرهه عثمان على رفع مصحفه، ومحا رسومه فلم تثبت له قراءة أبدا، ونصر الله عثمان والحق بمحوها من الأرض (٢) .
_________
(١) فيما رواه عن الإمام البخاري في صحيحه (ك ٥٦ ب١٢ ج٣ ص٢٠٥ - ٢٠٦، وك ٦٤ ب ١٧ ج ٥ ص ٣١، وك ٦٥ السورة ٩ ب ٢٠ والسورة ٣٣ ب٣، وك ٦٦ ب٣ و٤، وك ٩٣ ب٢٧، وك ٩٧ ب٢٢) .
(٢) عبد الله بن مسعود من كبار علماء الصحابة ومن أجودهم قراءة لكتاب الله، وقد أثنى رسول الله ﷺ مرة على حسن تلاوة ابن مسعود للقرآن، فتسارع أبو بكر وعمر ليوصلا إليه البشرى بهذا الثناء النبوي: (انظر مسند أحمد ١: ٢٥ - ٢٦ الطبعة الأولى - رقم ١٧٥ الطبعة الثانية) . إلا أن ابن مسعود كان يكتب ما يوحى من القرآن في مصحفه كلما بلغه نزول آيات منه، فهو يختلف في ترتيب هذه الآيات عما امتازت به مصاحف عثمان من الترتيب بحسب العرض الأخير على رسول الله ﷺ بقدر ما أدى إليه اجتهاد الصحابة المؤيد بإجماعهم. ويحتمل أن يكون ابن مسعود فاته في مصحفه بعض ما استقصاه زيد بن ثابت وزملاؤه من الآيات التي كانت عند آخرين من قراء الصحابة. زد على ذلك أن ابن مسعود كانت تغلب عليه لهجة قومه من هذيل، والنبي ﷺ رخص لمثل ابن مسعود أن يقرءوا بلهجاتهم، ولكن ليس لابن مسعود أن يحمل الأمة في زمنه والأزمان بعده على لهجته الخاصة، فكان من الخير توحيد الأمة على قراءة كتاب ربها باللهجة المضرية التي كان عليها رسول الله ﷺ.
1 / 71