لو ثار قومي على حكامهم الطغاة، وماتوا جميعا متمردين، لقلت إن الموت في سبيل الحرية لأشرف من الحياة في ظلال الاستسلام، ومن يعتنق الأبدية، والسيف في يده كان خالدا بخلود الحق.
لو اشتركت أمتي بحرب الأمم، وانقرضت عن بكرة أبيها في ساحة القتال، لقلت هي العاصفة الهوجاء تهصر بعزمها الأغصان الخضراء، واليابسة معا، والموت تحت أغصان العواصف لأشرف منه بين ذراعي الشيخوخة.
ولو زلزلت الأرض زلزالها، وقلبت ظهر بلادي صدرا، وغمر التراب أهلي، وأحبائي، لقلت هي النواميس الخفية تتحرك بمشيئة قوة فوق قوى البشر، فمن الجهالة أن نحاول إدراك أسرارها وخفاياها.
ولكن لم يمت أهلي متمردين، ولا هلكوا محاربين، ولا زعزع الزلزال بلادهم، فانقرضوا مستسلمين.
مات أهلي على الصليب.
ماتوا وأكفهم ممدودة نحو الشرق والغرب، وعيونهم محدقة بسواد الفضاء.
ماتوا صامتين، لأن آذان البشرية قد أغلقت دون صراخهم.
ماتوا لأنهم لم يحبوا أعدائهم كالجبناء، ولم يكرهوا محبيهم كالجاحدين.
ماتوا لأنهم لم يكونوا مجرمين.
ماتوا لأنهم لم يظلموا الظالمين.
Página desconocida