غدا يقرأ «الأدباء المفكرون» ما تقدم، فيقولون متضجرين «هو متطرف ينظر إلى الحياة من الوجهة المظلمة، فلا يرى غير الظلام، وقد طالما وقف فينا نادبا، نائحا، باكيا، علينا، متأوها لحالنا».
فلهؤلاء الأدباء المفكرين أقول - أنا أندب الشرق؛ لأن الرقص أمام نعش الميت جنون مطبق.
أنا أبكي على الشرقيين؛ لأن الضحك على الأمراض جهل مركب.
أنا أنوح على تلك البلاد المحبوبة؛ لأن الغناء أمام المصيبة العمياء غباوة عمياء.
أنا متطرف؛ لأن من يعتدل بإظهار الحق يبين نصف الحق، ويبقى نصفه الآخر محجوبا وراء خوفه ظنون الناس وتقولاتهم.
أنا أرى الجيفة المنتنة، فتشمئز نفسي، وتضطرب أحشائي، ولا أستطيع أن أجلس قبالتها وفي يميني كأس من الشراب، وفي شمالي قطعة من الحلوى.
فإن كان هناك من يريد أن يبدل نوحي بالضحك، ويحول اشمئزازي إلى الانعطاف، وتطرفي إلى الاعتدال، فعليه أن يريني بين الشرقيين حاكما، عادلا، ومتشرعا، مستقيما، ورئيس دين يعمل بما يعلم، وزوجا ينظر إلى امرأته بالعين التي يرى بها نفسه.
إن كان هناك من يريد أن يشاهدني راقصا، ويسمعني متطبلا، ومزمرا فعليه أن يدعوني إلى بيت العريس لا أن يوقفني بين المقابر.
السرجين المفضض
(1) سلمان أفندي
Página desconocida