يا بني، دعك من المثقفين الذين لم تصقلهم المعاناة ولم تربهم التجربة، فالكتب وحدها لا تصنع العظماء، ولا تنجب النبلاء.
يا بني، إن مثقفي وطنك يسكنون في ذواتهم التي استحالت في أعينهم إلى قديس، فيتحامون عن قديسهم بالسباب والقذع الممض الحارق، كما تتأكلهم الغيرة ويتعاورهم الحسد، ولا مجد في مساعيهم للمجموع إلا تحت ظلال مجدهم.
يا بني، لا يسعدني أن أقوم بتربيتك على شاكلة أحدهم؛ ففي كل واحد منهم غضاضة كبرى، لا يستطيع الالتفات إليها؛ إذ شغلته محاسن ما يقال عنه، وما يجد هو عن قديسه.
دعهم يا بني؛ فقلوبهم من عجين، وأدمغتهم من مخاط.
178
اغتالونا في عقولنا، كما لو كانت ميدانا للحرب، قبل أن يغتالوا عقولنا.
179
يا رب، هذه الأرض لم تعد قابلة للنهوض - أعني أرض حبيبي محمد
صلى الله عليه وسلم - فاجتثنا جميعا أرجوك؛ إذ لا سعة في أن نظل محقورين ومدفوعين بالأبواب من طغاة العالم «وطيبينا»؛ لأن الخسارة التالية التي نخشاها التفلت عن الدين. هل بقي لنا سواه؟ لا أوطان، لا ديانة حنيفية، لا معتصم، لا إنسان ... إلخ. وفي النهاية بأي طريقة نبحث عن الله، وجميع المنافذ إليه قد سدت؟
180
Página desconocida