نحن أبناء الهدهد الذي لم يذبح، نرى الكثير يسجد لغير الله، يظلم ويضطهد عباد الله، يكفر بالإنسان من حيث هو، يدمر الأوطان ويمزق النسيج المجتمعي الواحد، وحين نبلغ رسالتنا بأقلامنا إلى سليمان الواقع، يقوم بذبحنا دائما.
158
إن الإحساس بالعدل لأكرم وأجل من ميزان العقل والتمايز به، فالأول هو المائز الأساس بين الإنسان والحيوان، أما الأخير فقد استخدم في تقويض العدل منذ فجر البشرية الأول، ولم يشارك في إقامة صرحه إلا سياسة، ولفترة مؤقتة - لحسابات - سرعان ما تتعرى خصوصيتها بظلم صارخ حيال ما رأيناه في يوم من الأيام عدلا، فشكل حيوانية مركبة على حيوانية الإنسان، وكان في نسج خيط الباطل أقرب منه إلى نسج خيط العدالة، كما لو كان هو الباطل والباطل فقط.
159
في فم يومنا هذا، كانت بلابل الأمل تحدونا بتنغيمها، وكان بنا الشجن إلى كل يوم مثله، حتى أتانا اليقين في صورة ثورة، فصرنا البلابل وصرنا الأمل، مؤمنون في الوقت عينه، بأن الفكرة الصلبة تولد في الهواء الطلق، بينما الفكرة المتعفنة لا تولد إلا في قصور الظلمة، والقلوب الخائفة، والعيون الوقحة.
160
إن الدولة التي غذت وأنضجت ثمرة الإرهاب، هي ذات الدولة التي أصابته بالتعفن.
161
خيوط خفيفة تربط القلوب ببعضها، وقيود ثقيلة تكبلها، وعيون جائعة تخلق الجمال، ونور يفتش في الظلام عن النور، ووجه كالذهب المحروق، يشاهد التبر المتشظي عنه.
162
Página desconocida